لا تعطينى سمكة ولكنى علمنى كيف اصطاد” حكمة صينية تخبئ ورائها القيمة الحقيقة للعمل، وهذا المنهج الذى بنيت عليه مبادرة رائدات الأعمال المنزلية بمحافظة أسوان، التى تمكنت فى عدة أشهر من تحويل 200 سيدة بقرى المحافظة إلى سيدات أعمال يدرن مشروعات صغيرة داخل منازلهن، ويملكن قوت يومهن دون الاعتماد على أحد، من خلال رصد ميزانية بلغت 200 ألف جنيه بدأت المرحلة الأولى فى شهر أبريل الماضى، لتنجز الغرض منها، ويتم إطلاق المرحلة الثانية من المشروع لخدمة 250 سيدة جديدة.
أرامل ومطلقات وزوجات معيلات كانوا هدف هذه المبادرة، لتغيير حياتهن وتوفير مصدر رزق حقيقى يجلب لهن راتب ثابت يغنيهن عن سؤال الغير، ومن أهم مميزات هذه المبادرة هو شعور السيدة المستفيدة منها بالأمان فالمساهمة النقدية التى تحصل عليها ليس لها فوائد أو مصاريف إدارية، والأهم من ذلك إنها لن تتعرض للمسألة القانونية وتصبح من ضمن الغارمات حال تعثرها بالسداد، مما شجع العديد من السيدات للمشاركة فى المبادرة التى لا تتطلب سوى بطاقة شخصية فقط دون أى أوراق رسمية أخرى.
“ليلى” تغيرت حياتها بألف جنيه وأصبحت تملك ماكينة خياطة لتجهيز الملابس والمفروشات
التقى “اليوم السابع” بعدد من المستفيدات من مبادرة رائدات الأعمال المنزلية بمحافظة أسوان، لتروى كل منهن كيف غيرت المبادرة حياتهن فى غضون عدة أشهر، وأصبحن يدرن مشروعات ويملكن رؤوس أموال وأرباح، حيث تروى ليلى محمد حسين، من أهالى قرية الرغامة بمركز كوم امبو قصتها، قائلة: “علمت بالمبادرة من مجلس المدينة التابع للمركز، ولم أتردد لحظة فى التقدم للمشاركة للمبادرة، خاصة بعد علمى أننى لن أوقع على إيصالات بالمبلغ الذى أحصل عليه وقيمته ألف جنيه، وبالفعل لم أبذل مجهود فى تقديم الأوراق الخاصة بالمبادرة التى اقتصرت على البطاقة الشخصية فقط لإثبات حالتى الاجتماعية بأننى مطلقة، وبعد حصولى على المبلغ قمت بشراء ماكينة خياطة، وبدأت أقوم بحياكة الملابس الجاهزة والملايات والمفروشات المختلفة لأهالى قريتى، كنت فى البداية أعانى من مشكلة التسويق لكن بعد ذلك تمكنت من الوصول بمنتجاتى إلى أكبر قدر من الزبائن، وبدأت أشعر بأرباح المشروع بعد عدة أشهر مختلفة، وأصبح لى دخلى الخاص للإنفاق على ابنائى فى مراحلهم التعليمية”.
وأضافت ليلى لـ”اليوم السابع”: طموحى أن يتحول مشروع داخل المنزل إلى إقامة مشغل كبير تعمل به العديد من الفتيات، ومن أجل ذلك قدمت للحصول على المساهمة النقدية بالمرحلة الثانية بعد سدادى العديد من الأقساط الخاصة بالدفعة الأولى، بهدف تنمية المشروع”.
“سامية” تصنع العطور ومستحضرات التجميل من أجل تربية أبنائها الثمانية بعد وفاة زوجها
ومثلما كان طموح “ليلى” أن تصبح صاحبة مشغل للملابس الجاهزة بكوم أمبو، كان حلم “سامية محمد” أن تفتتح متجر لبيع العطور ومستحضرات التجميل، وتروى سامية المقيمة بقيرة الجنينة والشباك بمركز نصر النوبة، عن تجربتها مع المبادرة، قائلة: “نظرا لأنى أحمل جنسيتين مصرية سودانية لذلك فأنا أملك خبرة كبيرة فى مجال تركيب المستحضرات السودانية المختلفة لتجهيز العرائس، واكتسبت هذه الخبرة من زوجى قبل وفاته فكنا نعمل فى هذا المجال، وكنت أعاونه، لكن عقب وفاته لم أتمكن من الحصول على الدخل الذى كان يتوفر لنا شهريا، وفى الوقت نفسه أصبحت مسئولة عن تربية 8 أبناء بعد وفاة زوجى، لذا عندما علمت بالمبادرة تقدمت وحصلت على مبلغ 1000 جنيه، وبالفعل تمكنت من جلب العديد من الخامات المستخدمة فى تركيب العطور والبخور ومستحضرات التجميل، وبدأت أقوم بتجهيزها بالمنزل وبيعها، وبالفعل بدأت أجمع الأرباح وأقوم بشراء خامات أخرى بهدف تنمية المشروع”.
وأشارت سامية، إلى أن كل هدفها هو فتح متجر متخصص لبيع العطور والمستحضرات السودانية، حتى تتمكن من الإنفاق على أبنائها فى مراحلهم التعليمية المختلفة وإلحاقهم بمراحل التعليم الجامعى”.
فى حين استغلت “صباح عبد الله”، المقيمة بمركز نصر النوبة، قيمة المساهمة النقدية التى حصلت عليها من المبادرة فى صناعة المشغولات اليدوية من الخرز والخيوط، وبيعها للسائحين والزائرين بالمحافظة، وأوضحت قائلة: بعد وفاة زوجى أصبحت مسئولة عن تربية ابنائى الخمسة، وكنت أعمل باليومية بخمسة جنيهات باليوم فى مشغل قريب من منزلى، وبعد حصولى على مبلغ المبادرة تمكنت من شراء الخامات والمستلزمات الخاصة بالمنتجات، وبدأت أقوم بصناعتها بمنزلى وبدأت أجمع الأرباح وأقوم بشراء مستلزمات أخرى لزيادة عدد المنتجات، وبعد افتتاح المرحلة الثانية من المبادرة تقدمت للحصول على المساهمة النقدية مرة أخرى بهدف تنمية مشروعى”.
“زينب”: نرغب فى زيادة قيمة المساهمة النقدية لتنمية المشروعات
بينما استفادت “زينب أحمد” بالمبادرة من خلال شراء ماكينة خياطة لتفصيل المفروشات بالمنزل، وتروى قائلة: “لدى ولد واحد وأقوم بالانفاق عليه، ولم يكن لى دخل ثابث، وبعد حصولى على المبلغ قمت بشراء الماكينة وبدأت أمارس هوايتى فى فن الخياطة، وأقوم بتفصيل الملابس الجاهزة المفروشات وبيعها”.
وعن المشكلات التى واجهتها خلال المشروع، قالت: “الأزمة فى قلة المبلغ الذى نحصل عليه فكل ما نرغب فيه هو زيادة قيمة المساهمة النقدية من 1000 جنيه إلى مبلغ مضاعف حتى نتمكن من شراء الخامات، مع توفير معارض من خلال المحافظة تتيح لنا عرض منتجاتنا والوصول إلى أكبر قدر من الزبائن”.
أما “سلمى محمد”، من مركز كوم أمبو، كان وضع دراسة جدوى للمشروع وتحديد التكاليف والأرباح من أهم المشكلات التى واجهتها فعدم خبرة العديد من السيدات لتنفيذ مشروع مع حساب الخسائر والأرباح قد يعرضهم للخسارة، لذا طالبت سلمى المقيمين على المشروع، بمساعدة السيدات فى وضع دراسة جدوى للمشروع مع زيادة قيمة المساهمة النقدية التى يحصلوا عليها حتى يتمكنوا من تنمية مشروعاتهن.
وأوضحت أنها استغلت المساهمة النقدية التى حصلت عليها فى تربية الدواجن وبيعها للمواطنين، لافتة إلى أن أكثر المميزات بالمبادرة هو إعطاء فترة سماح للسيدة ببدء السداد بعد انقضاء 3 أشهر على المشروع، ثم تبدأ فى سداد مبلغ 100 جنيه فقط على مدار 10 أشهر فقط.
مديرة المبادرة: تمكنا من خدمة 200 سيدة بالمرحلة الأولى ونستهدف دعم 250 آخرين بالمرحلة الثانية
فى حين أكدت أمانى خضير، مديرة مبادرة رائدات الأعمال المنزلية بمحافظة أسوان، أن المرحلة الأولى تمكنت من خدمة 200 سيدة لإقامة مشروعات داخل المنزل من خلال منحهم رأس مال للمشروع قيمته 1000 جنيه، وبعد نجاح المرحلة الأولى مع استثناء عدم قدرة حالتين من السيدات على مزاولة المشروعات، تم التدشين للمرحلة الثانية لخدمة 250 سيدة، موضحة أن معايير اختيار السيدات تختلف ما بين الحالة الاجتماعية التى تشترط أن تكون السيدة أرملة أو مطلقة أو متزوجة وزوجها قيد الحرية، أو لديه إعاقة تمنعه عن العمل.
وأشارت مديرة المبادرة، إلى أنه يتم التواصل مع الوحدات المحلية لكل مركز لترشيح السيدات الأولى والأحق بالاستفادة بالمشروع، واللاتى يتمكن من الحصول على المساهمة النقدية بصورة البطاقة الشخصية فقط، مع إعفائهن من الفوائد أو المصاريف الإدارية.
محافظ أسوان: نستهدف أن تستفيد 1000 سيدة بميزانية مليون جنيه بالمبادرة مع نهاية العام
فى حين أكد اللواء مجدى حجازى، محافظ أسوان، أن هدف المبادرة فى الوقت الراهن هو تدعيم سيدات جدد من خلال إقامة مشروعات منزلية، مع الأخذ بالاعتبار زيادة قيمة المساهمة المادية خلال الفترة المقبلة، لكن عقب توسيع قاعدة المستفيدات من المبادرة، بحيث يهدف المشروع أن تصل أعداد السيدات المستفيدات إلى 1000 سيدة من خلال ميزانية قدرها مليون جنيه، مع نهاية العام الجارى.