دعاء أبوبكر
ما أشبه الليلة بالبارحة، وما أقرب الأمس بالغد، وما أهون من أن يذل المرء بعد عز، ويدفع ثمن أخطائه و«تحالفاته الارتجالية» وهو في أرذل العمر.
لم تفلح السنوات الثلاثون في تيه السلطة، وزوال أنظمة كانت ملء الأفق، والسمع، والبصر في إثناء رئيس السودان السابق عمر البشير (75 عاما) -المعتقل والمعزول في «مكان آمن» غير معلوم حاليا- عن تركه لمنصبه، وأجبرته 16 أسبوعا من المظاهرات المستمرة على الخروج «غير المشرف»؛ ليسدل الستار الأخير على حكم جماعة النظام الديكتاتوري في السودان.
إلا أن مشاعر الابتهاج التي سادت بين المحتجين في الخرطوم بانتهاء حكم البشير مع أول إشراقة لصباح (الخميس) الماضي، سرعان ما تحولت إلى مشاعر غضب بمطالبة «تجمع المهنيين» المنظم الرئيسي للاحتجاجات إلى مواصلة الاعتصام، وعدم قبول تشكيل مجلس عسكري يدير المرحلة الانتقالية، والتأكيد أن النظام لم يسقط وأنه يعيد استنساخ نفسه، والتشديد بزوال كافة أركان النظام ورفض بيان وزير الدفاع عوض بن عوف بتشكيل مجلس رئاسي انتقالي وحكومة مدنية، مع الدعوة إلى ضرورة التعلم من أخطاء التجارب السابقة للدول المجاورة والمحيطة.
وفي السياق ذاته قال “مروان عبدالله التوم “أمين الشباب بالنادي السوداني بجمهورية مصر العربية والباحث في الشأن الإفريقي إن المطالب السودانية المشروعة، التي أججتها أوضاع معيشية سيئة، ولازمتها موجة غضب دامية منذ شهر ديسمبر العام الماضي، تغفل إلى حد كبير مجموعة من العوامل والأمور، وذلك بحسب مراقبين للأوضاع.
نائب أمين مجلس قيادات وادي النيل “التوم” أكد أن الشارع السوداني عليه أن يعي أن الثورة على أي نظام وتغييره تتطلب القيام أولا بثورة مجتمعية تستبدل القيم والأفكار الخاطئة في المجتمع والإنسان السوداني.
وبين أن السودان تحكمه مجموعة من التوازنات والمصالح القبلية، والمحلية، والإقليمية وحتى العالمية، خصوصا مع العلاقات المتقلبة والمتوترة بين السودان والدول المحيطة به في القارة السمراء (إثيوبيا وإرتيريا).
وأشار الناشط الاجتماعي السوداني “التوم” والملقب “بشيخ الشباب “ إلى أهمية وجود إجماع وطني للقوى المدنية والعسكرية، وتغليب للمصلحة العامة، تجنب السودان الدخول في نزاعات هو في غنى عنها ولن يتحملها أنباء الوطن الواحد.
ووشدد “الناشط الإجتماعي السوداني “علي إن المطالب التي رفعتها الثورة لا تقبل المُساومة أو التَّلاعب: تنحِّي النِّظام، ونقل السلطة لحكومة مدنية إنتقالية فوراً تعمل على تكوينها قوى إعلان الحرية والتغيير، وتابع: “نحن نسير في ثورتنا خطوةً بخطوة، نُحطِّم صخور الشمولية، ونبني قلاعاً للسلام والحرية والعدالة.
تنحَّى ابن عوف وزمرته، تحت وطأة ثورتنا العظيمة وتم تعيين الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان رئيسآ للمجلس العسكري الإنتقالي ، وسنُسقط كُلَّ شموليٍّ يُريد أن يتجبَّر ويختطف إرادتنا العظيمة”.
وفي لفته إجتماعية عظيمة رسم الأقباط السودانيون أمس لوحة رأقية للتعايش، وضربوا طوقاً من الحراسة على المعتصمين أمام مقر قيادة الجيش أثناء أداء صلاة الجمعة.
وقال “التوم “ إنه يخشى المعتصمون في محيط القيادة من تسرب عناصر تتبع للنظام السابق بغرض إحداث عمليات تخريب وفوضى.
وظل الأقباط وقوفاً طوال زمن الصلاة، وقاموا بنشر مظلة ضخمة لتقي جموع المصلين حرارة الشمس وهذا إن دل فيدل علي مدي تماسك الشعب السوداني وتكاتفه بكل طوائفه لاعلاء قيم ومبادئ الثورة وتحقيق مطالبهم “سلام – عداله – حرية “