كتب – إبراهيم احمد
بدأت اليوم بمقر المنظمة العربية للتنمية الإدارية في القاهرة أعمال الملتقى العربي الأول للقيادات الجامعية “استراتيجيات التميُز في الأداء الجامعي” والذي تعقده المنظمة بالتعاون مع اتحاد الجامعات العربية خلال يومي 7-8 يوليو في القاهرة.
افتتح الملتقى الدكتور ناصر الهتلان القحطاني مدير عام المنظمة بكلمة قال فيها تشكل قضية التعليم في الوطن العربي تحديًا حقيقيًا من حيث المخرجات التعليمية على مستويات التعليم العام، و الجامعي، والمهني كافة… ولسنا في حاجة إلى التأكيد على أن التنمية الحقيقية يحركها نظام تعليمي فاعل، يكون خلف كل مجتمع متطور، وتكون مخرجاته مؤهلة و قادرة على صناعة الفرق بين التقدم و التخلف. ومن هنا تأتي أهمية قضية هذا العدد حول الجامعات العربية، و تصنيفها، ومدى قدرتها على التأثير في المجتمعات العربية.
لقد أصبح من المتعارف عليه أن أهم مخرجات الجامعات تتمثل في الخريج، و البحوث، والدراسات، ثم خدمة المجتمع و قضاياه. و بالبرغم من ذلك، فلا يزال موضوع الاهتمام بالطالب الجامعي و تزويده بالمعارف و المهارات المطلوبة هو الاكثر أهمية. هذه الأهمية، في المقابل، تنبع من حقيقة أن مستوى تأهيل هذا الخريج سيؤثر على فاعلية المورد البشري الذي ترتكز عليه التنمية الشاملة بكل أبعادها الاجتماعية والاقتصادية.
ومن هنا تأتي تساؤلاتنا المشروعة: ما هو دور الجامعات العربية في صناعة التنمية في الوطن العربي؟، وهل الخريج الجامعي يشكل إضافة، أم عبئًا على الدول ؟، وهل أصبحت الجامعات العربية – أو بعضها على الأقل – مجرد ممر رسمي للعناصر البشرية غير المؤهلة حقيقةً، و غير المناسبة فعليًا لاحتياجات سوق العمل، و لمتطلبات شغل الوظائف في القطاعين العام و الخاص؟ أي: هل أصبحت هذه العناصر إضافةً حقيقيةً إلى البطالة؟… هذه التساؤلات هي الأبرز من بين ما يطرحه المهتمون بهذا الشأن.
إن كل ما سبق ليس إلا مقدمة قصيرة حول حقيقة مستوى الجامعات العربية و درجات تصنيفها…صحيح أنه لا يجوز التعميم على كل الجامعات العربية، ولكن- للأسف الشديد- يمكن القول: إن أعدادًا لا يستهان بها من الجامعات قد أخفقت في أداء رسالتها، وفي القيام بالدور المتوقع منها.
ولا شك أن هناك عددًا من الأسباب و العوامل التي أدت بالجامعات العربية إلى هذا الوضع. وفي الغالب يكمن السبب الأول في غياب الرؤية الواضحة للسياسات التعليمية في الدول العربية، فغياب هذه الرؤية يعني أن قطاعات التعليم ومخرجاتها ليست متسقة و متماشية مع أهداف التنمية الوطنية الشاملة. أي أن مخرجات التعليم لا تخدم الأهداف الوطنية العليا، و بالتالي فسدت البوصلة التعليمية، ولم تعد تشير إلى الاتجاه الصحيح، وكان لا بد أن يترتب على ذلك هدر كبير في الموارد، التي أهمها العنصر البشري المناسب لاحتياجات التنمية.
إن النظام التعليمي ليس إلا مرحلة أو مكونًا من مكونات التنمية الشاملة، حيث إن مخرجات التعليم الجامعي يجب أن تكون مدخلات لمرحلة أخرى؛ لتدخل هذه المرحلة في دائرة ضمن عدة مراحل متتابعة، يكون الاقتصاد الحقيقي عنصرًا أساسيًا فيها.
ولاشك- أيضًا- أن هناك أسبابًا أخرى أعاقت وتعوق الجامعات عن القيام بالدور المأمول منها… بعضها يتطلب إصلاحًا داخليًا للجامعات، بما في ذلك ضمان الحرية الأكاديمية لهذه المؤسسات التعليمية، و تطوير العملية التعليمية بكل مكوناتها، و بعضها الآخر يتعلق بالبيئة الخارجية من تحديات و فرص اجتماعية و سياسية و اقتصادية، ولا مجال هنا للخوض فيها.
أما قضية التصنيف فإنه لا يزال أمام الكثير من جامعاتنا العربية شوط طويل لتحقيق متطلبات و شروط القوائم الأولى في تصنيف الجامعات حول العالم، وهذا يعني ضرورة العمل بشكل جاد للوصول إلى غاية طموحة كهذه. إن المشكلة لدى بعض الجامعات تتجسد في أن الحصول على تصنيف متقدم أصبح مجرد هدف، و ليس وسيلة للارتقاء، بل إن بعض الجامعات العربية شاركت في قوائم التصنيف العالمية من خلال إدخال معلومات مغلوطة و مشكوك في صحتها لتقفز إلى مراكز متقدمة في غضون فترة وجيزة …! بينما الواقع مغاير لذلك تمامًا…!
باختصار… إن التقييم الحقيقي و التصنيف الحقيقي – في اعتقادي – يأتي من المجتمع المحلي أولاً.. ومتى ما اقتنعت المؤسسات المحلية بمستوى الخريج، تكون الجامعة قد حققت السبق… بعيدًا عن أي تصنيف آخر.
من جهته قال الدكتور عمرو عزت سلامة الأمين العام لاتحاد الجامعات العربيةتقوم رؤيا هذا الملتقى على كون الجامعة هي المؤسسة الأقدر على بناء الشخصية وتعزيز القيم واكساب المهارات وتنمية المواهب وصقل الأذواق وترجمة النظريات الى واقع عملي وهي الأقدر على الاتصال بالمجتمع الخارجي واستثمار القدرات البشرية والعلمية فيما يعود على الأمة والازدهار والتقدم وهذا يتطلب من إدارة العامة وقياداتها ان تكون ضمن خصائص قيادية وإدارية متميزة قادرة على تطوير الجامعة واليوم بها محليا وخارجيا ، واستجاباتها للحاجات الملحة المتطورة للمجتمع المحلي.
إن اغلب الجامعات في العالم المتقدم تقدم ورش عمل لتطوير القيادات الجامعية وذلك بهدف تعريف الرؤساء الجدد بمهامهم ومسؤوليتاهم في إدارة أقسام الجامعة وتعزيز إدراكهم لدور الجامعة الحقيقي وتطوير مهاراتهم القيادية بغية تحقيق أهداف وسياسات التعليم العالي.
وانطلاقا من ذلك الدور الحيوي للقيادات الجامعية فقد تم إنشاء الشبكة العربية الأوروبية لقيادات التعليم العالي في أوروبا وركزت الشبكة في رسالتها على العمل كمنصة لتسهيل التغيير من خلال التغيير من خلال التركيز بشكل رئيس على تطوير قيادات التعليم العالي.
ونسعى وبالتعاون مع الشركاء من خلال شبكة أرلين إلى تمكين قيادات التعليم العالي من مواجهة تحديات القيادة بفعالية والعمل بمثابة مركز أبحاث لقطاع التعليم العالي في المنطقة والتبادل ثنائي الاتجاه للمعرفة والخبرة والتجربة وتعزيز الشراكات بين الجامعات وتعزيز القدرة على القيادة وغرس ثقافة الجودة من خلال عمل دورات تدريبية وأنشطة منوعة لتحسين الجودة بين الجامعات في المنطقة.
ومن هنا تبرز أهمية التعاون بين الأطراف ذات العلاقة ومنها الجامعات العربية ممثلة في الاتحاد والمنظمة العربية للتنمية الإدارية لتعزيز القدرات القيادية الجامعية والتعرف إلى الاتجاهات الاستراتيجية والآليات المعاصرة التي تستخدمها الجامعات المتقدمة والمتميزة في العالم، وإمكانية تعميم التجارب الناجحة وتبادل الخبرات بين القيادات الجامعية العليا المشاركة بما في ذلك تنمية فرص التعاون بين الجامعات في ميادين تطويرية معاصرة.
يشارك في الملتقى العديد من رؤساء الجامعات والكليات والمعاهد والمتخصصون من سبع دول عربية السعودية الإمارات اليمن الصومال مصر الأردن فلسطين