حوار : دعاء أبو بكر
تذخر وزارة الداخلية المصرية برجال مخلصين، على قدر عالِ من المسئولية والعطاء وروح الفداء، فمنهم من قدّم حياته رخيصة فداء هذا الوطن ومنهم من أفنى عمره في سبيل رفعة الوطن وتحقيق الأمن والاستقرار لتظل راية مصر شامخة بين الأمم.
دفع رجال الشرطة خلال الأعوام الستة الماضية، فاتورة غالية من أرواحهم، ليستشهد إلى الآن أكثر من1000شهيد ويسقط 3500 مصاب، خلال مواجهات مع الإرهابيين، بالإضافة إلى السيطرة على الأمن في الشارع المصري.
6 أعوام من التحدي الأمني، كانت فارقة في بناء واستعادة وطن مسلوب، بعد أن سادت حالة من الفوضى منذ 25 يناير 2011 وحتى اندلاع ثورة 30 يونيو، أكثر المتفائلين ما كان يتوقع أن يتم استعادة الأمن وإعادة الانضباط في الشارع المصري قبل مرور عقد من الزمان وبأعداد كثيرة من الأرواح والدماء، ولكنها بفضل عرق وجهد الجيش والشرطة المصرية تحققت المعجزة.
قامت وزارة الداخلية بتطوير برامجها لمراقبة صفحات العناصر الإرهابية على مواقع التواصل الاجتماعي وتتبعهم، وتدعيم الضباط وقطاعات مباحث الإنترنت والأمن الوطني والتوثيق والمعلومات بأجهزة تكنولوجية حديثة، وإغلاق آلاف الصفحات التي يديرها عناصر إرهابية من داخل البلاد وخارجها، مع ضبط القائمين على الصفحات التحريضية.
ولتسليط الضوء على جهود القيادات الأمنية بوزارة الداخلية .. كان لنا هذا الحوار مع أحد أعمدة وزارة الداخلية .. اللواء دكتور” أحمد جاد منصور”، مساعد وزير الداخلية ومدير أكاديمية الشرطة الأسبق، وأول ضابط شرطة مصري يحصل علي درجة الدكتوراه في حقوق الإنسان عام 1997 من جامعة عين شمس.
في البداية .. أطلعنا على نبذه من حياتك العملية والوظيفية؟
تخرجت من كلية الحقوق وعلوم الشرطة عام 1976، وحصلت علي ماجستير العلوم الشرطية من كلية الدراسات العليا بأكاديمية الشرطة عام 1983، كما حصلت على درجة الماجستير في القانون من كلية الحقوق جامعة عين شمس، وتخرجت من كلية الشرطة وشغلت منصب عضو المكتب الفني بوزارة الداخلية لمدة 13 عامًا، ومدير كلية الدراسات العليا بأكاديمية الشرطة خلال الفترة من 2010 إلي عام 2012، وشغلت منصب مدير أكاديمية الشرطة من 2012 إلي 2013 ومنصب مساعد وزير الداخلية ومدير أكاديمية الشرطة خلال عام 2013 إلي 2014 وتم تكريمي في يوم التميز ثلاث مرات وتم تكريمي من رئيس الجمهورية ومنحني نوط التميز من الدرجة الأولي.
أيهما تفضل لقب لواء أم دكتور؟
في الحقيقة كلا اللقبين محببين إلي قلبي، فأنا أحب لقب لواء نظرًا لخبرتي الأمنية على مدار 40 عامًا، وأحب لقب دكتور نظرًا لخبرتي العلمية لأكثر من 25 عامًا، كما أنني أول ضابط شرطة مصري يحصل علي درجة الدكتوراه في حقوق الإنسان عام 1997 من جامعة عين شمس، وكنت حريص علي تدريس مادة حقوق الإنسان للطلبة في السنة الأولى والرابعة في الكلية وتم طبع كتاب لدفعة سنة أولى يطرح المفاهيم الأساسية لحقوق الإنسان عام 1997 وكتاب آخر للفرقة الرابعة يطرح الأبعاد السياسية والأمنية والدولية والدستورية والقانونية.
هل تهتم أكاديمية الشرطة بتدريس مواد حقوق الإنسان؟
أكاديمية الشرطة أول كلية في مصر اهتمت بتدريس مادة حقوق الإنسان، ضمن المواد الأمنية الأخرى، وبعدها بتسع سنوات صدر قرار من المجلس الأعلى للجامعات في مصر بتدريس مادة حقوق الإنسان بالجامعات المصرية، ونحن حريصون علي تعليم طلاب كلية الشرطة حقوق الإنسان واحترام آدمية الشخص لأننا في الحقيقة خدّام لهذا الشعب، وطلاب كلية الشرطة على وعي تام بذلك، أما ما يثار من أجندات سياسية حول وجود تعذيب وتجاوزات واعتقالات فهذا يتم ترجمته بالنسبة لي أنه استخدم لموضوعات حقوق الإنسان لتحقيق أهداف سياسية لإشاعة حالة من عدم الثقة بين المواطنين والشرطة للوصول لعدم الاستقرار، ويكون ذلك وسيلة لزعزعة الوطن.
في حالة رصد حالات تعذيب حقيقية .. كيف تتصرف الوزارة؟
عند رصد أي حالات فردية متعلقة بتجاوزات وتم الإبلاغ عنها يكون التعامل معها حاسم جدًا جنائيًا، أي فرد أمن ارتكب جريمة جنائية يتم معاقبته طبقا لقانون العقوبات، وإذا تسبب في حدوث ضرر للمجني عليه يعاقب مدنيًا ويدفع تعويض من ماله الخاص كما تتم محاسبته تأديبيًا من وزارة الداخلية، وهذا تجاوز فردي وليس ظاهرة تعذيب كما تدعي بعض المنظمات المشبوهة والمغرضة.
ما أهم المبادىء التي يتبناها الطلبة في كلية الشرطة؟
روح الفداء وحب الوطن موجودة علي مدار الزمان بين طلاب كلية الشرطة، لكن تعاظمت بعد أحداث 2011 من توتر وانهيار في مؤسسات الدولة وخاصة جهاز الشرطة المصرية، والدولة أصبحت في خطر حقيقي نتيجة الأحداث من 28 يناير 2011 إلي منتصف 2013 وما حدث من انفلات أمني سواء علي المستوي الجنائي أو السياسي، وكان هناك مخطط صهيوني لهدم مصر وتم اقتحام السجون وتهريب 23 ألف و570 سجين جنائي وسياسي منهم فئة علي درجة كبيرة جدًا من الخطورة، وتم إتلاف وحرق أكثر من 100 قسم ومركز شرطة والاستيلاء علي الأسلحة التي في حوزتها وتهريب المحجوزين منها، كما تم اختراق مقرات أمن الدولة بالكامل، وحرق وإتلاف منشآت كثيرة جدًا في الدولة وتم استغلال حالة الفوضى وتهريب الأسلحة، وكذلك بعد أحداث ثورة ليبيا في 11 فبراير 2011 تم تهريب الأسلحة إلى سيناء من خلال الأنفاق، وتضاعفت معدلات الجريمة والسرقات ومنها السيارات والموتوسكلات والتي تم استخدامها بعد تفخيخها في عمليات إرهابية في سيناء.
لماذا تمركزت العناصر الإرهابية في سيناء تحديدًا؟
لأن المخطط الذي وضعه “برنارد لويس “مهندس تقسيم الوطن العربي عام 1983 قسم مصر إلي أربع دول، دولة بدوية ودولة إسلامية دولة مسيحية ودولة نوبية، وبدأ تنفيذ مخطط تقسيم الدول العربية في العراق وسوريا وفشل في مصر ، فكان المخطط يتضمن إقامة دولة إسلامية في سيناء وهدم الدولة المصرية وتقسيمها إلي أربع أقسام، وكانت جماعة الإخوان الإرهابية هي الأداة لتنفيذ هذا المخطط الصهيوني، فمثلث الرعب لإسرائيل هو ” سوريا – العراق – مصر “، ويستخدم الإرهابيون جبل الحلال الذي طوله 160 متر وارتفاعه 1700 متر بمغاراته وكهوفه وفتحاته مخبأ لهم، وهذا يدل علي حجم الإرهاب الذي عبّر عنه رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي نتيجة مخططات داخلية وخارجية لذلك نوه أكثر من مرة أن العملية كبيرة جدًا وتستغرق وقت حتى يتم القضاء على الإرهاب.
هل طوّرت وزارة الداخلية من نفسها وأداء ضباطها؟
بالفعل حدث تطور كبير في جهاز الأمن أثناء تلك المرحلة، حيث عملت وزارة الداخلية علي أربعة محاور أساسية وهي تدريب الضباط وإعادة بث الثقة في روحهم من جديد، فكانت هناك تدريبات شديدة وقاسية لإعادة التأهيل النفسي لكل أفراد الأمن، والمحور الثاني تضمن تطوير المعدات والتطوير اللوجيستي لمجابهة الإرهاب الذي يستخدم أحدث الأسلحة، والمحور الثالث تم من خلال التطوير التنظيمي وهو الأمن الجنائي والأمن السياسي، أما المحور الرابع فتضمن إصدار التشريعات وتطويرها وإصدار قانون خاص بمكافحة الإرهاب الذي أعطي صلاحيات أكثر للضباط لمواجهة الإرهاب، فهذه المحاور والمرتكزات الأساسية أعادت مصر إلي مكانتها الطبيعية بعد أن خيّم عليها الوجه القبيح الذي كان يبكي القلوب دمًا.
كيف تواجه وزارة الداخلية خروقات وجرائم وسائل التواصل الاجتماعي؟
السوشيال ميديا تقدم للمواطنين أخبار مغلوطة ومجهولة المصدر، وتحقق هذه الأخبار انتشار كبير جدًا، لذلك نناشد المواطنين توخي الحذر والتأكد من صحة الخبر والمصدر، فالمطالبون بحقوق الإنسان حاليًا يستغلون الحق في تحقيق الباطل وهدفهم هو هدم الوطن.
حدثنا عن فكرة تدريب ضباط كمتحدثين رسميين خاصة إن حضرتك صاحب الفكرة؟
هي مبادرة تحت عنوان ” إعرفني صح “ كان الهدف منها دمج كل الشباب من كل الجامعات المصرية مع أخوانهم الضباط للتعرف علي التدريبات وبيحضروا جميع التدريبات والمحاضرات وياتوا علي مبيت وبيتناولوا وجه الإفطار مع بعض وفي المساء يتم عمل مسابقات ثقافيه فيما يخص المتحدثين الرسميين وتم تشكيل مجموعة من الضباط من كل المديريات للتحدث والمدافعة عما يُقال ضد المنظومة الأمنية في كل جهات الوزارة وتم عمل فرق تدريبية بالتنسيق مع كلية الإعلام بجامعة القاهرة، ولدينا أيضًا مركز بحوث بكلية الدراسات بأكاديمية الشرطة ويتم تلقي جميع مقترحات وأفكار الضباط ودراستها.
هل تم تطوير المناهج الدراسية بأكاديمية الشرطة؟
عندما كنت أتقلد منصب مدير كلية الدراسات العليا بالأكاديمية كان هناك مستجدات في الدراسات العليا، الضباط لا يعلمون عنها شيء علي سبيل المثال الإعلام الأمني تم عمل دبلومه له, والتنمية البشرية, ومواجهة الجريمة المعلوماتية وجرائم الانترنت, ودبلومة في حقوق الإنسان, و4 دبلومات تم استحداثها وحاليًا لدينا عشرات الدكاترة في هذه المجالات، وأن أكاديمية الشرطة المصرية مصنفة من أقوي أكاديميات الشرطة في العالم وعلي أرض الواقع هي أكبر أكاديمية شرطة في العالم, وعندما جاءت لجنه مكافحة الإرهاب في زيارة رسمية للأكاديمية لمراقبة ورصد معايير الجودة والقدرة علي الأمن, قال رئيس لجنة مكافحة الإرهاب بالنص ” إن ما شاهدناه بأكاديمية الشرطة المصرية يصلح لتدريب أي رجل أمن علي مستوي العالم “.