كثيراََ ما نقرأ عن الإكتئاب وأعراضه وأسبابه وعلاجه، ولعل أيسر تعريف للإكتئاب هو، أنه مرض يصيب النفس والجسم، ويؤثر على طريقة التفكير والتصرف، ومن شأنه أن يؤدي الى العديد من المشاكل العاطفية والجسمانية وحتى إنعدام الرغبة في الحياة.
وإذا بحثنا عن الأسباب أو العوامل التي تؤدي الى إصابة الشخص بالإكتئاب، سنجد أسباب كثيرة لا حصر لها تتباين بين عوامل وراثية وأخرى بيئية، وبعض الأمراض الأخرى التي يصاحبها يصاحبها الإصابة بالإكتئاب مثل مرض الزهايمر والسرطان.
وبطبيعة الحال كان لعالم السوشيال ميديا دور في إنتشار المرض، ففي كتاب “علاقات خطرة” للدكتور محمد طه يوضح إن الشباب أحياناً لما بتحب حد – خاصة من المشاهير – بتلبس زيه، بتتسرح نفس تسريحته وهكذا..
ويتم ذلك بشكل واعي وواضح وهو ما يسمى (تقليد).
ولكن أحياناََ يصل بنا الحب والشغف لدرجة كبيرة جدا..، تستدعي (تقمص) هذا الممثل أو المشهور الذي يقوم بنشر صور يومية لسياراته وطائرته الخاصة وأشكال مختلفة من حياته الفارهة، وهو ما يضع من يقوم بتقليده في مأزق، فإذا كان من السهل تقليد الشكل الخارجي للفنان، من خلال تسريحة شعر واحدة والتحدث بنفس الطريقة مثلا، فمن الصعب مسايرة باقي عادات هذا الفنان.. فتبدأ المقارنات الإحساس بالدونية والإحباط وعدم الرضا وهو ما يؤدي في النهاية للإصابة بالإكتئاب.
وغالباً ما تكون هذه الحالة من التقمص سبباََ في فشل الكثير من العلاقات، فالزوجة المهووسة بمتابعة المشاهير تريد أن يكون زوجها مفتول العضلات – زي أحمد عز- وهو ما لا يحدث غلباََ، والزوج يريد زوجته في مستوى جمال – سكارليت جوهانسون- وهو بالطبع لن يحدث، فتنشأ المقارنات وتخيب الآمال والتوقعات مما يسبب فشل تلك العلاقات والإصابة بالإكتئاب.
وفي إحدى دورات “تنمية المهارات الشخصية” كان مُحاضرنا يريد توصيل فكرة معينة قريبة من المثال السابق وهي أيضاََ تساهم في إصابة أغلب الشباب بالإحباط، ألا وهي المبالغة في تتبع خطوات القدوة، فمثلا الشاب الذي يريد أن يصبح مثل “محمد صلاح” لاعب كرة قدم مشهور عالمياََ، لن يرضيه أن يصبح هو الآخر لاعب مشهور ولكن على مستوى مصر فقط، وسيظل يسعى لكي يصبح في نفس مكانة صلاح وهو مطلب صعب المنال، وبالتالي يصاب بالإحباط واليأس مهما حقق من إنجازات مادامت لا تتساوى مع إنجازات قدوته “صلاح”.
ووجهة النظر هذه لا تدعوا الى الكسل واليأس، بالعكس، ولكنها تضع ضابطاََ للحلم والكفاح وهو ضابط الرضا والبحث داخل الذات وليس مجرد تقليد إنجاز شخص آخر.
عزيزي القارئ، فلترحم عقلك المشحون بالمقارنات، وانظر الى ذاتك المميزة عمن حولك، وتترك هاتفك وتبتعد قليلاََ عن عالم السوشيال ميديا الوهمي الملئ بالأشياء الغير واقعية والأحداث التافهة والأخبار السياسية التي تصيبك بالتعاسة اليومية والإكتئاب.
وفي النهاية أنا مدمن على متابعة السوشيال ميديا مثلك تماماََ ولكن “فلنحاول”…