تساءل مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، هل تُنقذ وثيقة الأخوة العالم من حرب ثالثة ؟!، وثيقة الأخوة ولقاء الطيب وفرنسيس في أبو ظبي ؟، الفارق الضخم بين وثيقة الأخوة الإنسانية، وإحياء الفكر التكفيري لسيد قطب ؟!.
وقال خلال التجمع الإعلامي العربي إن وثيقة “الأخوة الإنسانية” التى وقعها القطبان الكبيران، الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، بإعتبارهما الرؤساء الدينيين لأكبر ديانتين سماويتين فى العالم أجمع، وأكد الإثنان إلتزامهما بإشهارها والعمل على تنفيذ بنودها فى حدث تاريخى مهيب شهدته دولة الإمارات العربية المتحدة التى يعيش على أرضها 200 جنسية من مختلف الأعراق فى محبة وسلام مع احتفالها بعام 2019 الذى أعلنته الإمارات عاماً للمحبة والتسامح؟!، هل يمكن لوثيقة “الأخوة الإنسانية” التى شهد توقيعها هذه الكوكبة الكبيرة من رموز العالم وقادة الأديان وعلماءها ورجال الكنائس والسياسة والفكر والأدب.
وشدد على أن الوثيقة نعول عليها أن تكون المنقذ للإنسانية من دعاوى الكراهية والعنف والظلم والإرهاب التى تقض مضاجع العالم شرقاً وغرباً وتكاد تأخذ الجميع إلى حرب عالمية ثالثة لا تبقى ولا تذر .
وتابع:«أسئلة مهمة طرحها القطبان الكبيران ربما للمرة الأولى الشيخ الطيب والبابا فرنسيس على الضمير العالمى وصناع السياسات ومهندسى النظم السياسية بعد أن دفع مليار ونصف المليار مسلم ثمناً باهظاً لحادثة تفجير برجى التجارة فى نيويورك، وأُخذ الإسلام والمسلمون بجريرة بضع أفراد لا يزيدون على أصابع اليدين، ليظهر الإسلام فى صورة الدين المتعطش لسفك الدماء، ويظهر المسلمون فى صورة برابرة متوحشين أصبحوا خطراً داهماً على الحضارة الإنسانية!.»
ولفت إلى أن وثيقة الأخوة الإنسانية الإجابة الشجاعة والصحيحة للقطبين الكبيرين، الشيخ الطيب والبابا فرنسيس من أن الإسلام برىء شأن كل الأديان السماوية من العنف والكراهية والإرهاب وكافة الحركات والجماعات المُسلحة كائنا من كان دينها أو عقيدتها، لأن هؤلاء كما قال الشيخ الطيب قتلة وسفاكون للدماء ومُعتدون على الله ورسالته، وعلى المسئولين شرقاً وغرباً أن يقوموا بواجبهم فى تعقب المعتدين والتصدى لهم بكل قوة، ومن المؤكد أن هذه الصيحة الشجاعة التى صدرت عن القطبين، الطيب وفرنسيس، أكدت للعالم أجمع أن كافة الأديان تُحرم سفك الدماء، حرمها نبى الله موسى من فوق جبل حوريب فى سيناء، وحرمها المسيح عيسى فى موعظته فوق جبل الجليل، وحرمها آخر الأنبياء محمد فوق جبل عرفات، عندما قال فى خطبة الوداع، إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم حرام كحُرمة يومكم هذا فى بلدكم هذا، ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب .
وشار إلى أن وثيقة “الأخوة الإنسانية” صدرت من أجل السلام العالمى والعيش المشترك بإسم الله الذى خلق البشر جميعاً متساويين فى الحقوق والواجبات، وبإسم النفس البشرية التى حرم الله إرهاقها، وبإسم الفقراء والبؤساء والمحرومين والأيتام والأرامل، وباسم الشعوب التى فقدت الأمن والسلام والتعايش فى ثلاثة نسخ وقعها الشيخ الطيب والبابا فرنسيس نسخة للأزهر الشريف ونسخة للمقر البابوى فى الفاتيكان ونسخة ثالثة لدولة الإمارات، فى هذا الإحتفال المهيب الذى أقيم فى صرح الشيخ زايد رحمه الله، وفى حضور هذه الكوكبة المهمة من رموز الأديان والسياسة والفكر والرأى، ووسط جو مُفعم بالأمل والتفاؤل لتؤكد أن التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التمسك بقيم الإسلام والتعارف المتبادل والعيش المشترك والأخوة الإنسانية، وأن الحرية حق لكل إنسان إعتقاداً وفكراً وتعبيراً.
وبين أن التعددية والإختلاف فى الدين واللون والجنس والعرق واللغة حكمة لمشيئة إلهية خلق الله البشر عليها، وجعلها الله أصلاً ثابتاً تتفرع عنه حرية الاعتقاد وحق الاختلاف وعدم إكراه الناس على دين بعينه، وأن العدل القائم على الرحمة هو السبيل الواجب إتباعه، وأن الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر والتعايش بين الناس يسهم فى إحتواء الكثير من المشكلات الإجتماعية والسياسية والاقتصادية، وأن حماية دور العبادة من معابد وكنائس ومساجد واجب تكفله كل الأديان واستهدافها بالإعتداء أو التفجير أو الهدم يمثل خروجاً صريحاً عن تعاليم الأديان، وأن الإرهاب البغيض الذى يلاحق بالفزع والرعب كل الناس ليس نتاجاً للدين حتى وإن رفع الإرهابيون لافتات الدين.
وشدد على ضرورة وقف كل صور دعم الحركات الإرهابية بالمال والسلاح أو التخطيط أو التبرير، وأن مفهوم المواطنة يقوم على المساواة الكاملة فى الحقوق والواجبات التى ينعم فى ظلالها الجميع بالعدل، وأن العلاقة بين الشرق والغرب ضرورة قصوى لكليهما لا يمكن الإستعاضة عنها أو تجاهلها لأن الله خلق الشعوب كي تتعاون وتتبادل المنافع والأفكار.
وأضاف أن الإعتراف بحق المرأة فى التعليم والعمل وممارسة الحقوق السياسية والحفاظ على كرامتها ضرورة مُلحة للتقدم وكذلك حقوق الأطفال الأساسية فى التنشئة الأسرية والتغذية والرعاية، وفى سبيل تحقيق هذه الغايات يتعهد الأزهر الشريف والكنيسة الكاثوليكية بالعمل على إيصال هذه الوثيقة إلى صُناع القرار العالمى والقيادات المؤثرة، ويطالبان بأن تصبح وثيقة “الأخوة الإنسانية” موضع بحث وتأمل فى كافة المدارس والجامعات لتساعد على خلق أجيال جديدة تحمل الخير والسلام ولايزال هذا المطلب مشروعاً يلبي احتياجاتها.
وبين أن ما يُثير الكثير من الأمل والتفاؤل بأن وثيقة “الأخوة الإنسانية” يمكن بالفعل أن تكون نقطة إنطلاق جديدة لمستقبل البشرية تمنع الحروب والفتن وتحد من نزاعات البشر، هذا التطابق الذى يكاد يكون كاملاً بين المعانى التى عبر عنها الشيخ الطيب، والمعانى التى عبر عنها البابا فرنسيس عندما أكد أن “الأخوة الإنسانية” وحدها هى يمكن أن تكون سفينة نوح الجديدة التى تعبر بالبشرية بحار العالم العاصفة إلى عالم جديد أكثر أمناً وعدلاً وسلاماً، ويترسخ الإعتراف لدى الجميع أن الله هو أصل العائلة البشرية، وأن جذور البشرية مشتركة، وأن الجميع لهم حق فى الكرامة عينها، ولا أحد يمكن أن يكون سيدا للآخرين أو عبداً لهم .
وقال:« لست أعرف فى الحقيقة، إن كان ما حدث فى لقاء الشيخ أحمد الطيب والبابا فرنسيس، ودعوتهما المشتركة كل البشر خاصة المسلمين والكاثوليك إلى أن يعتصموا بالأخوة الإنسانية أملاً فى عالم جديد أكثر أمناً وعدلاً وسلاماً، كما اعتصم نوح وقومه بالفلك من الفيضان، وما يحدث الآن فى تركيا من محاولات الرئيس التركى رجب الطيب أردوغان التى يؤازرها حُكام قطر لإحياء فكر سيد قطب إمام التكفيريين الذى يدعو إلى رفع السلاح والخروج للجهاد ضد العالم أجمع، وتشجيع حركات الإرهاب ويعتبر ذلك مشروعاً سياسياً مُهماً من الضرورى أن تعمل تركيا على إحيائه..، لست أعرف فى الحقيقة إن كان هذا التوافق الزمنى بين ما يحدث فى الإمارات ونقيضه الذي يحدث فى تركيا مُجرد صُدفة، أم أنها تصاريف أقدار ترتبها العناية الإلهية رداً على دعاوى التكفير الجديدة؟!، لكن الذى أعرفه على وجه اليقين أن البشر كل البشر تواقون إلى الأمن والعدل والسلام، يريدون عالماً جديداً خالياً من دعاوى العنف والإرهاب، عالماً أكثر إيماناً برسالات الأديان السماوية التى تدعو جميعها إلى الحفاظ على حياة الإنسان وليس قتله وتدميره !.
واستطرد:« ما أعرفه أيضاً على وجه اليقين، وقد أسره لى الشيخ أحمد الطيب فى لقاء خاص، أن القطبين الكبيرين الشيخ الطيب والبابا فرنسيس يعتقدان أن حلماً كان شبه مستحيل قد تحقق بالفعل وهذه هى كلمات البابا فرنسيس إلى الإمام الأكبر، وهما عازمان بالفعل، الطيب وفرنسيس على أن يبلغا نهاية الشوط، أما إحياء دعاوى التكفير وإعتبار تراث سيد قطب تراثاً إنسانياً ونفحات إلهية!، فهى دعاوى مرفوضة على نحو قاطع، رفضها العالم الإسلامى كله وليس فقط بعض قيادات جماعة الإخوان، إن لم تكن ضرباً من الجنون يستحيل حدوثه لأنه يخاصم البشرية جمعاء فضلاً عن أن المطلوب من العالم شرقاً وغرباً أن يتعقب كل صور الإرهاب ويمنع تمويل جماعاته ويجتثها من جذورها».