كتب ابراهيم احمد
فرضت جائحة كورونا واقعاً جديداً على القطاعات الاقتصادية حول العالم، وأثرت بشكل كبير على الاقتصاد العالمي الذي تأكدت هشاشته في ظل الأزمة القائمة. ودخلت معظم الاقتصادات العالمية مرحلة من الركود والانكماش ألقت بظلالها على قطاع التوظيف الذي بات يواجه تحديات تهدد برفع معدلات البطالة إلى مستويات غير مسبوقة على مستوى العالم.
للحديث عن هذا الموضوع، نستضيف معنا الأستاذ نضال أبوزكي، مدير عام مجموعة أورينت بلانيت.
1. أستاذ نضال، برأيكم إلى أين تتجه نسب البطالة في ظل تداعيات كورونا؟
· أحدثت الجائحة، بالرغم من قصر عمرها الزمني، أثراً عميقاً على القرارات المالية والاقتصادية في جميع دول العالم، واتخذت المؤسسات والشركات قرارات بإعادة هيكلة العمل باستخدام المزيد من التكنولوجيا والتقنيات المتقدمة على حساب القوى العاملة ضمن سياسة تخفيض النفقات.
· مع الأسف قد يطال تأثير فيروس كورونا 80% من القوى العاملة العالمية، والتي يتجاوز عددها 3 مليار شخص، في حين سيخسر العالم أكثر من 195 مليون فرصة عمل، 5 مليون منها في العالم العربي وحده.
· بحسب تقرير منظمة العمل الدولية، يتوقع دخول ما بين 8,8 و35 مليون شخص إضافي دائرة الفقر في جميع أنحاء العالم، مقارنة بالتقديرات الأصلية للعام 2020.
· شهدت الولايات المتحدة الأمريكية ارتفاعاً ملموساً في طلبات إعانة البطالة التي تجاوزت 33 مليون دولار منذ منتصف شهر مارس 2020. وتشير الإحصائيات الصادرة عن وزارة العمل الأمريكية بأن الولايات المتحدة خسرت 20,5 مليون وظيفة خلال شهر أبريل 2020 نتيجة توقف النشاط الاقتصادي.
· فقدت قطاعات الترفيه والفنادق والضيافة في أمريكا 7,7 مليون وظيفة حتى الآن.
· في أوروبا، ارتفعت معدلات البطالة على نحو غير مسبوق.
· ارتفعت معدلات البطالة في ألمانيا، الذي يعد اقتصادها الأول في أوروبا، بنسبة 13.2% في شهر أبريل 2020.
· وفي إسبانيا، وصلت معدلات البطالة إلى 14.4% من القوى العاملة مقارنةً بـ 13.8% في أواخر ديسمبر 2019، وهو ما يعد أسوأ معدل للبطالة في منطقة اليورو بعد اليونان. ويقدر “صندوق النقد الدولي” أن تصل نسبة البطالة في إسبانيا إلى 20.8% خلال العام الجاري.
· بالنسبة للدول العربية، فهي من بين أكثر مناطق العالم المتأثرة اقتصادياً بسبب وباء “كورونا”. وتشير التوقعات أن التداعيات الاقتصادية عربياً ستكون أسوأ من الأزمة المالية العالمية خلال العام 2008، والتي يمكن أن تتفاقم أكثر مع هبوط أسعار النفط. وجاء فيروس كورونا ليوقف نشاط قطاعات اقتصادية مؤثرة، ما زاد من مستوى البطالة في الدول العربية، والذي كان ضعف المعدل الدولي قبل انتشار جائحة “كوفيد-19”.
· أفادت لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغرب آسيا “إسكوا” أنه من المتوقع حدوث تخفيضات كبيرة في الوظائف في العالم العربي بنحو 8.1% أو قرابة 5 مليون عامل بدوام كامل. ومن المتوقع أن يتراجع الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية بما لا يقل عن 42 مليار دولار في العام 2020.
2. كم سيستغرق تعافي الاقتصاد العالمي من تداعيات فيروس كورونا وما هي الإجراءات للتعافي؟
· لا شك إن تعافي الاقتصاد العالمي من فيروس كورونا سيستغرق عامين على الأقل.
· أن هذا الوباء تسبب في أشد ركود اقتصادي منذ حوالي قرن، ويتسبب بأضرار جسيمة على وظائف الناس وصحتهم العقلية والجسدية.
· ترى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية انخفاض الناتج الاقتصادي العالمي بنسبة 7.6٪ هذا العام، قبل أن يرتفع مجدداً بنسبة 2.8٪ في العام 2021. وفي حال عدم التعرض لموجة ثانية من الإصابات، تتوقع المنظمة انخفاضاً بنسبة 6٪ في النشاط الاقتصادي خلال العام 2020.
· لا شك أن العالم سيشهد خلال الـ 18 شهراً القادمة ضائقة اقتصادية واستياءً اجتماعياً، ما لم تتحد جهود القادة وقطاع الأعمال وصناع القرار لإدارة تداعيات جائحة فيروس كورونا. فمع استئناف اقتصادات العالم لأعمالها، تلوح في الأفق فرصة حقيقية لتحقيق مستويات أفضل من المساواة الاجتماعية والاستدامة.
· كما تحتاج الاقتصادات الرئيسية في العالم إلى تعزيز التنسيق والتعاون على مستوى السياسات، وطرح سياسات تحفيزية للاقتصاد ليكون لها دوراً مهماً في تحقيق التعافي.
3. ما هي أبرز التوقعات الاقتصادية لفترة ما بعد كورونا؟
من المتوقع حدوث العديد من التغييرات على أصعدة عديدة في فترة ما بعد انحسار وباء كورونا.
· حيث سيدفع فيروس كورونا الحكومات لبضع سنوات قادمة، على الأقل، إلى الانكفاء الذاتي والاهتمام بما يحدث في داخل كل دولة، وليس خارجها.
1. من المتوقع أن نشهد تراجعًا كبيرًا في معدلات التجارة الدولية، واتجاه أغلب الدول إلى فرض المزيد من السياسات الحمائية على منتجاتها.
2. يُتوقع في الأعوام والعقود القادمة التي تلي أزمة كورونا أن تكون السياسات الصحية على رأس أولويات الدول والحكومات المختلفة.
3. أظهرت الأزمة عجزًا شديدا للعديد من الأنظمة الصحية في بعض الدول الكبرى عن توفير منظومة رعاية صحية تسع جميع أفراد المجتمع، على اختلاف مستوياتهم المعيشية.
4. يوجد في الوقت الحالي العديد من الآراء حول ضرورة أن تتبنى الدول دورًا اقتصاديًا أكبر في مرحلة ما بعد كورونا، لأن العديد من القطاعات الاجتماعية الأساسية، مثل الصحة والبحث العلمي، للقطاع الخاص الذي يحكمه في الأساس مبدأ الربح والخسارة، مع احتمالات انهيار الأنظمة الصحية حتى في أعتى الدول تقدُّما ورفاهة، وبروز ضعف الاستعداد العام أمام احتمالات الأوبئة سريعة الانتشار.
على صعيد الشركات، ستشهد متغيرات سيكون لها بلا شك تأثيرات كبيرة في عالم ما بعد كورونا. ويُتوقع أن تتأثر نماذج عمل الشركات في حقبة ما بعد كورونا على عدة أصعدة:
· من المتوقع بعد انقضاء وباء كورونا أن تُعيد هذه الشركات النظر في العديد من سياساتها فيما يتعلق بالعمالة والتوظيف. ويُتوقع أن تستمر العديد من دول العالم في تبني نماذج التعليم والعمل عن بعد في قطاعات عديدة، ويرجع السبب في ذلك لما تحققه هذه النماذج من مزايا عديدة، تضمن توفير الوقت والجهد والتكلفة، وتحقيق النتائج المرجوة نفسها التي كانت تحقق بالطرق التقليدية الصعبة.
· كما من المتوقع أن يزيد اتجاه العديد من الشركات إلى الأتمتة؛ وذلك نظراً لأن العمالة البشرية في أوقات الأزمات تكون تكلفتها المادية على الشركات كبيرة لما يُكلفه استمرار دفع جزء من الراتب أو الراتب كله، وكذلك التأمينات والضمان الاجتماعي للعمال.
· أما في المنطقة العربية، يُنظر إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة على أنها عنصر حاسم في تشكيل المستقبل الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط. إلا أنه مالم يحدث تدخل سريع بإعداد حزم لإنقاذ تلك الشركات، فإنه من المتوقع أنها ستختفي على الأرجح، وذلك بالأخص في البلدان التي تكتسب فيها هذه الشركات أهمية خاصة كمصر والأردن ولبنان.
رابط المقابلة :