أجرى الحوار : أمل محمد أمين
حوار مع المهندسة غادة لبيب نائب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للتطوير المؤسسي
- مصر تسير بخطى ثابتة فى كل الملفات لتحسين حياة المواطنين ومصر الرقمية هدف قومي
- القيادة السياسية وضعت رؤية واضحة لبناء مصر الرقمية
- استراتيجية مصر الرقمية رؤية وطنية لخلق مجتمع رقمي تفاعلي
- رغم أزمة كورونا نعمل في وزارة الاتصالات على مدار الساعة فنحن في مهمة قومية
- التحول الرقمي ليس ترفاً ولا موضة ولكن ضرورة حتمية فرضتها التغيرات، وكورونا خير شاهد
- التحول الرقمي أسلوب حياة خاصة بعد أزمة كُورونا، وهو وسيلة لتقديم خدمات متميزة للمواطنين وحسن إدارة موارد الدولة
- بناء الإنسان المصري رقميًا ركيزة أساسية في بناء الدولة والمجتمع والمواطن الرقمي التفاعلي الآمن
- التطوير المؤسسى يستهدف خلق نموذج عمل جديد داخل المؤسسات الحكومية
- نعمل على تنمية وبناء القدرات الرقمية للعاملين في كل الوزارات والمحافظات والهيئات العامة
- العاصمة الإدارية الجديدة نقلة حضارية وانتقال العاملين بالدولة إليها ليس مجرد انتقال مكاني
- نعمل بشكل مكثف على تأهيل العاملين المنتقلين للعاصمة الإدارية للتكيف مع بيئة العمل الجديدة
- الانتهاء من تدريبات الثقافة والمهارات الرقمية لأكثر من نصف موظفي الجهاز الإداري المنتقلين للعاصمة الإدارية
- نسعى لخلق جيل مؤهل من الكوادر الحكومية من خلال تدريب العاملين على المعارف والمهارات الرقمية
- وزارة الاتصالات تسعى لتنويع قنوات تقديم الخدمات المُقدمة للمواطنين خلال بوابة مصر الرقمية والبريد المصري وتطبيقات المحمول
- نبذل جهود مكثفة في كل المحافظات لتهيئتها للتحول الرقمي والتأكد من استيعابها له وضمان استدامة الأعمال
- نسير في التطوير المؤسسي والتحول الرقمي بالمحافظات وفق خطة زمنية تواكب رؤية الدولة في مشروع التأمين الصحي الشامل والمشروع القومي لتطوير القرى المصرية
- نستهدف نشر وتعزيز الثقافة الرقمية ودربنا أكثر من 46 ألف على المهارات الرقمية
- محافظة بورسعيد أول محافظة رقمية شهدت تطبيقاً لمنظومة التأمين الصحي الشامل
- زياراتي لمحافظات بورسعيد والفيوم وأسوان وجنوب سيناء كشفت لي حجم الإنجازات التي تشهدها الدولة
- مؤسسات الدولة جميعها تحت قيادة الرئيس “السيسي” تعمل فى تناغم من أجل تقديم الأفضل للمواطن
- حصلت على عديد من التكريمات الوطنية والدولية ولكن أقرب تكريم لنفسي راحة المواطن بعد حصوله على خدمة مميزة
قيادة نسائية أبهرت الجميع بأدائها وإنجازها في مختلف المواقع التي كُلفت بها سواء كنائب لوزير التخطيط والإصلاح الإداري سابقاً أو نائباً لوزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حالياً، تمتلك خبرات واسعة في العمل الحكومي والخاص لأكثر من 20 عام، عملت مع 3 من رؤساء الوزراء خلال واحدة من أصعب الفترات في تاريخ مصر الحديث وهى فترة تثبيت أركان الدولة (يوليو 2014- يونيو 2018) والتي قادها فخامة الرئيس “عبد الفتاح السيسي”، وشغلت منصباً وزارياً في حكومتين متتاليتين، نالت تكريمات وطنية ودولية باعتبارها من النساء الأكثر تأثيراً وإلهاماً في مجال العمل العام. أجرينا معها هذه المقابلة وتحدثنا عن العديد من الملفات منها التطوير المؤسسى، واستراتيجية مصر الرقمية، والتحول الرقمي، وتنمية وبناء القدرات الرقمية للعاملين في الدولة، ومبادرات نشر الثقافة الرقمية للمواطنين، والتحول الرقمي في منظومة التأمين الصحي الشامل، وملف التعليم الإلكتروني وتدريب الشباب وتمكين المرأة رقمياً، وكان نص الحوار:
س/ وصلتم للعديد من المواقع الوظيفية وحصلتم على كثير من التكريمات، نريد أن نعرف بعضاً من سيرتكم؟
نشأت في أسرة متوسطة بالقاهرة، واعتز بجذوري صعيدية في المنيا، درست في مدرسة الليسيه بباب اللوق؛ فوالدي الدكتور مصطفى لبيب أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية الآداب جامعة القاهرة كان يؤمن بأن دراسة اللغة الفرنسية تساعد في تعلم باقي اللغات خاصة الإنجليزية والأسبانية والإيطالية. وطوال حياتي الدراسية كنت حريصة على الاستفادة من الدراسة والاستمتاع والمشاركة في كل الأنشطة الطلابية، ولم يكن هدفي تحصيل الدرجات بقدر تحصيل المعارف والمهارات والخبرات، وده أثر في شخصيتي وميزني دوماً بالقدرة على تحمل المسئولية وإنجاز أية تكليفات.
حصلتُ على بكالوريوس هندسة الإلكترونيات والاتصالات من جامعة القاهرة، كما حصلت على ماجستير إدارة الأعمال من جامعة ESLSCA الفرنسية، ودبلوم السياسات العامة من مدرسة الإدارة الوطنية الفرنسية (ENA)، ودبلوم المهارات القيادية من جامعة هارفارد، ودبلوم الحوكمة والإدارة العامة من كلية الخدمة الوطنية بسنغافورا، فضلاً عن العديد من الشهادات في عدة مجالات منها التميز التشغيلي واستمرارية الأعمال، تصميم السياسات وتقييمها، وحاليًا أكمل دراسة القانون بجامعة القاهرة.
بفضل الله ودعم القيادة السياسية شغلت العديد من المناصب والمواقع القيادية الحكومية والخاصة؛ فقد شغلت منصب نائب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للتطوير المؤسسي، كما شغلت منصب نائب وزير التخطيط للإصلاح الإداري ومستشار السيد رئيس الوزراء للمتابعة ونظم المعلومات ومدير مكتب السيد رئيس مجلس الوزراء. وأيضًا منصب مساعد وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للتطوير المؤسسي، ومعاون وزير التنمية الإدارية والمسئول عن تطوير الجهاز الإداري بالدولة بوزارة الدولة للتنمية الإدارية، ومدير المكتب الفني للسيد وزير الدولة للتنمية الإدارية.
وتوليت عدد من المواقع الوظيفية والقيادية بشركات كبرى مثل شركة الجيزة للأنظمة حيث شغلت منصب مدير مشروعات وقائد فريق فني ومطور برمجيات. وعملت أيضاً في مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار فور تخرجي من الجامعة. ولدى أكثر من 20 عامًا من الخبرة في إدارة المؤسسات وتطوير الأعمال المختلفة، في القطاعين الخاص والحكومي، الي جانب خبراتي في إدارة المشروعات الكبرى.
س/ أرجو إعطاء القراء فكرة سريعة عن مهام نائب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لشئون التطوير المؤسسي؟
التطوير المؤسسى من أهم الملفات لتطوير الجهاز الإداري للدولة خاصة في ضوء استراتيجية مصر الرقمية، والدولة ساعية بقوة للوصول إلى جهاز إدارى كفء وفعال يحسن استخدام الموارد ويتفاعل مع المواطن ويستجيب لمطالبه، ويعلى من رضاه من خلال ما يقدمه له من خدمات متميزة. وكنائب وزير الاتصالات للتطوير المؤسسي بتتركز مهامي الأساسية في العمل على تهيئة الوزارات والمحافظات والمؤسسات العامة لأعمال التحول الرقمي قبل أن تبدأ ثم التأكد من استيعاب العاملين والمتعاملين مع المؤسسات الحكومية لتلك الأعمال، ثم تأتي مهمة متابعة أعمال التحول الرقمي لضمان استدامتها. أي أن عملي يتلخص في ثلاث نقاط تهيئة، استيعاب، استدامة فأنا بشتغل قبل التحول الرقمي وأثناء وبعد تنفيذه.
س/ ماهي استراتيجية مصر الرقمية؟
مصر الرقمية رؤية وطنية تسعى لتحقيق مستهدفات رؤية مصر 2030 وأهداف الأجندة الأممية للتنمية المستدامة الـ17 وأجندة إفريقيا للتنمية 2063، فضلاً عن تعزيز الحقوق الرقمية للمواطن والتى أكدت عليها المواثيق الوطنية والدولية. وتعتمد استراتيجية مصر الرقمية على محورين الأول؛ التحول الرقمي، والثاني بناء الإنسان المصري رقميًا. المحور الأول المتمثل في التحول الرقمي يعني أن من حق المواطن المصري الحصول على الخدمات الحكومية بشكل رقمي، وعلشان أوضح أكثر خلينا نشوف مع بعض أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي انبثقت منها رؤية مصر 2030 هتلاقي الهدف 16 بيتكلم عن المؤسسات القوية والعدل والسلام.
ومن هنا فاستراتيجية مصر الرقمية تهدف لتحقيق هذا الهدف وهو بناء جهاز إداري فعال يحسن إدارة موارد الدولة، ما أريد أن أقوله أن النقاط مرتبطة كلها ببعضها البعض، كلنا نعمل على أن يكون لدينا جهاز إداري يقدم خدمات متميزة للمواطنين وكل ما نقوم به من تطوير أو تحول رقمي يخدم المواطن، فالتحول الرقمي ليس ترفاً أو مجرد موضة وإنما وسيلة لخلق نموذج عمل جديد ذا كفاءة وفعالية في الجهاز الإداري وداخل المؤسسات الحكومية والخاصة، فالحكومة حريصة أن تقدم خدمة متميزة للمواطن تحقق راحته وتزيد من رضاه.
س/ كلنا كمواطنين نشعر بأهمية التحول الرقمي لكن ما زال هناك مزج بين تقديم الخدمات الرقمية والخدمات الورقية أو الطريقة التقليدية وبالتالي ربما يشعر البعض بعدم انعكاس التحول الرقمي على حياته؟
لكي أرد على هذا السؤال سأستكمل حديثي حول المحور الثاني من استراتيجية مصر الرقمية وهو المحور المتعلق ببناء المواطن المصري رقمياً، وهذا مهم جدا المواطن بغض النظر عن عمره أو مستواه الثقافي أو الإجتماعي هدفنا أن ينال المجتمع المصري بمختلف شرائحه حظه الكامل من الخدمات المرقمنة، عملنا موجه للفلاح في القرية، وربة المنزل والإنسان البسيط لنصل إلى حياة كريمة بلا أمية رقمية وتحقيق الشمول الرقمي للمجتمع المصري اللي جزء منه الشمول المالي.
ولكن علشان نصل لده يجب أن يكون المواطن قادرًا على استخدم الخدمات الرقمية وقادر على الاتصال بشبكة الإنترنت ويمتلك وسيط رقمي أي جهاز سعره يتناسب مع دخله بمعنى أن ليس الجميع قادر على امتلاك أي باد أو أيفون مثلاً أو تابلت لذا قمنا بتنفيذ مبادرات مع بنك ناصر الاجتماعي لنوفر لمحدودي الدخل جهاز أو حاسب آلي أو لابتوب أو تابلت بسيط أو تليفون ذكي يقدر يستخدمه للتعلم ويدخل عن طريقه إلى شبكة الإنترنت، وممكن يستخدمه للحصول على عمل في مجال التسويق الإلكتروني.
وهذا كله بهدف مساعدته في أن يحصل على الخدمات الرقمية، لكن هذه المجهودات ليست مسؤولية وزارة الاتصالات فقط إنما مسؤولية مؤسسات الدولة بالكامل. فلكي نحقق الهدف النهائي وهو خلق مجتمع رقمي تفاعلي يجب أن تتضافر جهود كل الجهات بالدولة، ودي مهمة ليست بسيطة، وكانت من ضمن الاختصاصات التي تحدد مهام عملي والتي صدر بها قرار من رئيس الوزراء وهي المساهمة في نشر وتعزيز الثقافة الرقمية للوصول إلى مجتمع رقمي تفاعلي، وهذا يندرج تحته الشمول الرقمي.
أيضا من اختصاصاتي تنمية وبناء القدرات الرقمية للعاملين في الجهاز الإداري للدولة سواء منتقلين أو غير منتقلين للعاصمة الإدارية الجديدة، ونحن هنا نتكلم عن إعداد موظف يتكلم لغة العصر الجديدة، يفكر بطريقة مبتكرة سواء كان في مستوى تنفيذي أو إشرافي، أو مدير عام قطاع أو رئيس إدارة مركزية، كلهم يتكلمون نفس اللغة ويفكرون بنفس المنهجية.
ولكي أحقق هذا الهدف كان علينا عمل ومجهود كبير وعندنا تحديات متزايدة ومنها الأمن السيبراني وحماية المعلومات، ويندرج تحتها مفاهيم مثل التعامل مع البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن أن نستفيد من كل هذا، طبعا نحن نسابق الزمن لكي نصل مصر إلى مصاف الدول المتقدمة وتحقيق رؤية مصر 2030 بأن تبقى بلادنا من أقوى اقتصادات العالم وهذا لن يتحقق إلا عن طريق جهاز إداري كفء وفعال، وأن يكون المجتمع مهيأ للتحول الرقمي ويكون لدينا مواطن رقمي فعال.
س/ هذا ينقلنا إلى سؤال أخر وهو كيف عملتم في الوزارة على مواجهة تحديات الثقافة التي اعتادت على التعامل مع الورق وتعويدها على التعامل مع الوسائط الإلكترونية سواء بالنسبة للمواطن أو الموظف؟
ثقافة المجتمع مؤثرة في قبول التغيير أو مقاومته، لكن خلينا أقول أن محنة الكورونا أو كوفيد 19 ساعدتنا على مواجهة مقاومة التغيير، قبل كورونا كانت بتواجهنا صعوبة وكنا بنطلب باستمرار من الموظفين أن يتركوا طريقتهم القديمة في تنفيذ المعاملات وأنهم يشتغلوا بطريقة جديدة، لكن رب ضارة نافعة هي محنة ما زالنا داخلها فعلاً ولكنها تحولت إلى منحة استثمرناها جيداً، استطعنا أن نحول شغلنا من الشكل التقليدي إلى الشكل الرقمي في 12 يوم، وساعدني في هذا عملي في وزارة الاتصالات.
وسبحان الله كان له حكمة أن يكون انتقالي للوزارة في 2020 لأساعد وأكون جزء من التغيير الذي فرضته جائحة كورونا، لم تتوقف مجهوداتنا في تدريب الموظفين وحتى الآن انتهينا من تدريب أكثر من 46 ألف موظفاً بالدولة في مختلف محافظات مصر، ولم يكن التدريب مقصور على المنتقلين إلى العاصمة الإدارية.
ومن التجارب المهمة تجربة محافظة بورسعيد واختيارها كأول محافظة رقمية ونحن نعمل حاليًا على التأكد من استدامة أعمال التحول الرقمي بها بورسعيد باعتبارها المرحلة الأولى في التحول الرقمي لمصر، وأنا أعمل حالياً مع قيادات المحافظة للتأكد من استمرا التجربة بنجاح واستيعاب المجتمع البورسعيدي للتجربة وتأهيل الموظفين وتطبيق منظومة التامين الصحي الشامل بنجاح، وقبل أن نعلنها محافظة رقمية كان علينا أن نتأكد أولاً من أن التحول الرقمي تم على كافة الأصعدة.
وأؤكد مرة أخرى أن الرقمنة في حد ذاتها ليست هدف وإنما وسيلة لتحسين مستوى وطريقة معيشة المواطن، ولهذا وللتأكد من نجاح التحول الرقمي، قمنا بعمل استبيان لنسمع من المجتمع في بورسعيد عن مدى تكيفه واستفادته من المنظومة الرقمية الجديدة، كانت معظم الشكاوى تتركز في بطء سرعة الانترنت وصعوبة الدخول على الشبكة، أيضاً حرصنا أن نحدد نقاط القوة والضعف في التجربة لكي نحسن من أنفسنا وهل حصل الموظفين على التدريب الكافي؟ وهل وحدات نظم المعلومات ووحدات التحول الرقمي الموجودة داخل الديوان كافية، وسأحكي لكم قصة لكي أوضح مدى تأثير وأهمية التحول الرقمي.
في إطار جهود دراسة آراء المواطنين داخل بورسعيد حول التحول الرقمي، تواصلت مع أحد الاصدقاء وهو مهندس يمتلك مصنع يعمل به حوالي 1500 عامل وطلبت منه توزيع استمارات الاستبيان على العاملين لديه وأسرهم باعتبار أن متوسط عدد أفراد أسرة كل عامل 5 أفراد وبالتالي يكون لدينا عينة قوامها 7500 فرد وهي عينة اعتقد ممثلة إلى حد ما لمواطني لبورسعيد، فضلاً عن الطرق الأخرى لقياس الرأي العام، وبعد أن طلبت من صديقي صاحب المصنع توزيع الاستمارة سألته عن رأيه في التحول الرقمي ومنظومة التأمين الصحي الشامل الجديدة ورد علي بإجابة لن أنساها قال “أنه كان يصله شهرياً طلبات بسلف مالية من العمال يطلبون مبالغ مالية تتراوح ما بين ألف جنيه حتى عشرة آلاف جنيه لإجراء فحوصات طبية وعمليات جراحية لذويهم، مؤكداً أنه منذ أن بدأت منظومة التامين الصحي الشامل ببورسعيد توقفت طلبات السلف وأصبحت مستشفيات التأمين الصحي تغطي تكلفة العلاج، وشكرني على هذه المنظومة فقلت له لا تشكرني ولكن أشكر الرئيس “عبد الفتاح السيسي” والقيادة السياسية الوطنية التي تعمل بكل جهدها للتخفيف عن كاهل المواطن. وشعرت بالفخر لأني جزء من عمل ضخم نساعد به المصريين وهذا ما أشرحه دائماً للموظفين في كافة اللقاءات بأن الرقمنة ليست هدف في حد ذاتها بل وسيلة لتحسين حياة المواطنين.
س/ هذا يدفعني للسؤال إذا كان التحول الرقمي وتطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل له عوائد مهمة ومفيدة للمجتمع لماذا لا يتم تنفيذه في كافة المحافظات وفي وقت واحد؟.
الأمر يحتاج إلى وقت وتمويل ضخم لكي نصل لذلك، ففي بورسعيد لكي نصل إلى هذه المرحلة تم تغيير كل شبكة الاتصالات الأرضية بشبكة ألياف ضوئية ووضع أنظمة جديدة حيث تم إنشاء هيئة الرعاية الصحية ودربنا الموظفين وصدرت قوانين جديدة لإنشاء هيئة الرعاية الصحية، وهيئة الاعتماد والجودة المسئولة عن اعتماد أي مستشفى لتكون ضمن المستشفيات التي تقدم خدمة التأمين الصحي الشامل بمواصفات معينة، ولا يجب أن ننظر إلى وضع تلك القوانين باستهانة بل أعتبره من أهم شروط استدامة تقديم الخدمات الصحية وضامن استمرارها بنفس الجودة، فالقوانين أحد أسس البنية التحتية في تحقيق مشروعات تحول رقمي مستدام. كذلك ساعد التناغم بين مؤسسات وقيادات الدولة والمحافظة على تحقيق هذا النجاح.
لكن من يضمن استدامة جودة الخدمات المقدمة واستمرارية تقديمها بعد أن يذهب الأشخاص ويأتي آخرون في المنصب، لذلك القوانين والقواعد المنظمة لمنظومات التحول الرقمي تضمن استمرار تقديم خدمات رقمية لائقة للمواطن سواء في المشروعات الحكومية أو الخاصة ولأجيال المستقبل. وهذا ما أحرص عليه وهو تحقيق تطوير مؤسسي مستدام، والتأكد من عدم ارتباط نجاح المشروعات بأفراد وبمجرد رحيلهم نعود سنوات ضوئية للوراء بل من الضروري أن تستمر سلسلة العمليات على المدى البعيد، فنحن دولة مؤسسات.
وكما سبق وذكرت التحول الرقمي ليس رفاهية بل يعتبر مكسب كبير على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، وخير دليل على ذلك ما تم مؤخراً من إجراء بعض المحاكمات عن طريق الفيديو كونفرنس بحيث يكون القاضي في قاعة المحاكمة ويربطه الفيديو مع السجين بدل من أن ينتقل إلى المحكمة، قد يسخر أو يضحك البعض من الفكرة ولكن لو تعلمون التكلفة الضخمة لنقل المساجين وتأمين حراستهم طول نقلهم إلى المحكمة وعودتهم مرة أخرى إلى السجن خاصة المساجين الخطرين والشخصيات العامة والتي تكلف الدولة الملايين من الجنيهات، حتى لو كنا مضطرين لتغيير بعض مواد الإجراءات الجنائية.
وطبعاً لن يتم هذا دون تأهيل الموظفين في وزارة الداخلية والسادة القضاة والمستشارين، على استخدام التكنولوجيا الحديثة، والأهم تهيئة البنية التحتية وأن يكون النظام مهيأ للاستمرار ويعمل دون تدخل، وهذا لن يتم إلا إذا كانت البنية التحتية مهيئة لهذا والقوانين والتشريعات والتمويل متوافرة وكافية، الموضوع صعب جداً لكن الحمد لله بدأنا في الاتجاه الصحيح، وساعدنا في هذا دعم ومساندة وتوجيهات القيادة السياسية.
س/ مع حدوث أزمة كورونا وتحول العديد من الأعمال الحكومية للعمل عن بُعد إلكترونياً أصبح هناك تحدي أمام استكمال أعمال التطوير المؤسسي والتحول الرقمي. ماذا كانت خطتكم للتعامل مع الأزمة؟
بمجرد صدور قرارات دولة رئيس الوزراء بتطبيق الإجراءات الاحترازية وتعليق كافة الفعاليات والملتقيات أصبح حتمياً البحث عن بدائل لاستكمال أعمال التطوير المؤسسي والتحول الرقمي، وبالتالي قررنا الاستمرار في أداء دورنا واستخدام تقنيات العمل والتعلم عن بُعد. وكان الأهم تأمين المنصات الإلكترونية، فالأمن السيبراني أصبح على قائمة الأولويات، فالأمن لم يعد بالمفهوم التقليدي أمن منشآت وأفراد بل أمن معلومات، أيضاً التدريبات وتنمية وبناء المعارف والمهارات الرقمية التي يتلقاها الموظفين المنتقلين إلى العاصمة الإدارية تم استكمالها أونلاين، وطبعاً ساعدني، التنسيق والتناغم بين قطاعات وزارة الاتصالات، في أن أنقل عملي بسرعة وجودة من الشكل التقليدي إلى الشكل الرقمي، خاصة الجهات التابعة للوزارة ومنها هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات والمعهد القومي للاتصالات.
س/ ملف التعليم يعتبر هاجس بالنسبة للأسرة المصرية كيف تم التعامل معه؟
وزارة التربية والتعليم لديها خطة طموحة لتطوير التعليم في مصر، وأصبح لديها نضج كبير في مجال التحول الرقمي لمنظومة التعليم، وكان وزير التعليم قد بدأ بالفعل استخدام التابلت في التعلم وامتحانات الثانوية العامة، وبالتالي الوزارة كان لديها استعداد مسبق للتعلم الإلكتروني وبدأوا بالفعل في تجهيز المنصات التعليمية مع حدوث أزمة كورونا ثم توسعوا فيها بشكل أشمل.
في وزارة الاتصالات عملنا مع وزاره التعليم العالي ومع مختلف المؤسسات التعليمية لتعزيز الابتكار، ونفذنا العديد من الورش في الابتكار والإبداع التكنولوجي، كما نفذنا عدة ورش مع وزاره التضامن الاجتماعي في إطار مبادرة جديدة “حياه كريمة بلا أمية رقمية”، فموجب المادة 25 من الدستور أصبح لدينا مهمة القضاء على الأمية الرقمية بعد الأمية الهجائية، وأصبح من الضروري التأكد عند دخول القرى الأكثر فقرًا في إطار المشروع القومي لتطوير القرى المصرية أن المواطنين يستطيعون التعامل مع الوسائل والوسائط والتطبيقات الرقمية.
أيضًا عملنا مع وزاره الشباب والرياضة على مبادرة كن سفيراً وهي مبادرة لمكافحه الفساد في إطار التحول الرقمي، ونفذنا مبادرات رقمية متنوعة لتأهيل الشباب وحديثي التخرج من خلال نوادي التكنولوجيا ومراكز الشباب والرياضة، حيث عملنا على تدريب مجموعه من الشباب للقيام بدورهم في تدريب أجيال أخرى من الشباب، وبالفعل وبالتعاون بين الوزارتين تم إطلاق مبادرة “بكرة ديجيتال” لتنمية وبناء الثقافة والقدرات والمهارات الرقمية للشباب.
وفائدة هذه المبادرات هو تعليم الشباب كيف يكون متخصصاً في الذكاء الاصطناعي، وأن يصبح قادر على بناء مواقع تساعده في التسويق الالكتروني، وكيف يخلق لنفسه فرصة عمل ويصبح رائد أعمال ونعطيهم نماذج على هذا المشاريع ومنها تطبيق “فوري” تلك الشركة الناشئة التي تجاوزت قيمتها السوقية المليار دولار وأصبحت من الشركات الرئيسية في البورصة المصرية، أيضاً تعلمهم المبادرات كيف يعدون دراسة جدوى.
والمبادرات التي ننفذها ليست موجهة للشباب فقط بل حتى لربات البيوت مثلاً الأمهات اللي وجدت أبناءها فجأة مجبرين على التعلم الإلكتروني وهي لا تعرف كثيراً عن هذا العالم نقوم بتعليمها، وهذه المبادرات ننفذها في المحافظات، والملفت أن أهل المحافظات حرصهم واستيعابهم لمبادرات وزارة الاتصالات أعلى من القاهرة والجيزة والإسكندرية، وعندما نطلع على البيانات نجد أن محافظات مثل كفر الشيخ مثلاً حققت نسبة عالية جداً، ودمياط والإسماعيلية أيضاً حققت نسبه مرتفعة. في شهر رمضان الماضي عندما أطلقنا مبادرة “استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والاستخدام الآمن للإنترنت” كان تفاعل ربات البيوت عالي وعدد الأمهات اللي سجلوا كان كبير في المحافظات. وللعلم هذه المبادرات يتم تنفيذها عن طريق الحكومة ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص وأيضاً المجتمع الأكاديمي، ولدينا توجيهات من القيادة السياسية بالاستفادة من جهود الجميع.
س/ في كلمة لسيادتكم نيابة عن معالي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مؤتمر التحول الرقمي أكدتم أن قطاع تكنولوجيا المعلومات شهد أعلى معدل نمو بين قطاعات الدولة بنسبة 15,2%، وساهم في الانتاج المحلي بنسبة 4,4%، هل ممكن توضيح ذلك بطريقة مبسطة للقراء؟
الاقتصاد المصرى اقتصاد متنوع وليس اقتصاد ريعي قائم على امتلاك ثروات طبيعية، والحمد الله إحنا في قطاع الاتصالات قدرنا في عام 2020 رغم جائحة كورونا نساهم في الدخل القومي والناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.4% بإجمالي 108 مليار جنيه، وكنا أعلى قطاعات الدولة نمواً بمعدل نمو 15.2%، وبلغت إجمالى صادرات خدمات تكنولوجيا المعلومات 4.1 مليار دولار، ووصلت إجمالي الاستثمارات المنفذة في القطاع 48.1 مليار جنيه.
هناك العديد من الشركات الجديدة “ستارت اب” start up وشركات أخرى متوسطة وصغيرة تم إنشائها في قطاعات ومجالات مختلفة، خاصة تكنولوجيا المعلومات، كانت سبباً لدخول العملة الصعبة وخفض نسب البطالة، أيضاً الشركات الكبيرة والدولية قامت بتوسيع لأعمالها (Outsourcing) عن طريق مراكز تعمل داخل مصر ويتم تنفيذ المهام عن طريق المهندسين والكوادر المصرية، كل هذا يعتبر دخل للعملة الصعبة. أيضاً قمنا بإطلاق العديد من المبادرات اللى بتساهم في خلق مجالات عمل للمصريين في الخارج بمختلف دول العالم ويقوم الشباب المصري بالعمل من المنزل.
س/ تم تكريمك في منتدى المرأة وتم اختيارك ضمن أفضل 10 سيدات مؤثرات في مصر ما انعكاس هذا على تمكين المرأة في مصر وعلى عملك وحياتك؟
الحمد لله سعيدة بما حققت من إنجازات وظيفية خلال فترة عملي في السلك الحكومي منذ عام 2005 ولكني اتطلع دوماً للمزيد، وأؤمن جداً بمطالبة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي للمواطنين والمسئولين بضرورة الحلم والاستمرار في الحلم كلما تحقق الحلم السابق، فلا حياة دون أمل، ولا نجاح دون عمل وتضحية. ولأن لكل مجتهد نصيب والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، فقد حظيت بالعديد من التكريمات الوطنية والدولية، منها: درع الهيئة العامة للرعاية الصحية للتميز، وقلادة المرأة المصرية، والدرع الذهبيَّة في مُسابقة الابتكار الإداري عن مشروع مَنظُومة ميكنة تسجيل المواليد والوفيات، وتم اختياري ضمن قائمة أكثر 50 امرأة ملهمة ومؤثرة في مصر 2020، واختياري ضمن قائمة Amujae للقيادات النسائية الإفريقية الـ15 الأكثر إلهامًا في مجال الإدارة والقيادة العامة. ولكن صدقاً رغم حصولي على تلك التكريمات الوطنية والدولية وغيرها إلا أن سعادة المواطن بتحسن خدمة تظل أكتر حاجة بتسعدني، بعشق شغلي وبحس بكياني فيه وبحب البلد دي جداً ونفسي تكون أد الدنيا.
والواقع إننا نعيش العصر الذهبي للمرأة المصرية وزيادة تمثيلها في كافة المواقع القيادية النيابية والتنفيذية، ونحن في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لدينا مبادرات عديدة لدعم المرأة وتمكينها اقتصادياً، وأطلقنا مع المجلس القومي للمرأة العديد من المبادرات، ونستفيد من الرائدات الريفيات “رائدات المعرفة” وعلاقتهم الطيبة مع الأسر الريفية في توعية المرأة وتأهيلها للتعامل مع الوسائل التكنولوجيا، وهذه المبادرات تستهدف المساهمة في التمكين الاجتماعي والاقتصادي الرقمي للفتيات والنساء في محافظات مصر خاصة في المناطق البعيدة والنائية والمهمشة وتحفيزهن على تعزيز قدراتهن في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا المالية الرقمية من أجل تحقيق الشمول المالي والتحول إلى مجتمع رقمي تفاعلي آمن في بيئة تتسم بترسيخ مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والمساهمة في تحقيق استراتيجية مصر 2030 واستراتيجية مصر الرقمية ليصبح التحول الرقمي أولوية وأسلوب حياة لكل المواطنين.
خلال مسيرتي الشخصية والمهنية تأكد إيماني بأن إصلاح الجهاز الإداري هو العنصر المهم لإنجاز أى تنمية، ومصر قطعت شوطاً كبيراً لذلك، وأن المصريين أصحاب قدرات ولا ينقصنا شئ لنتقدم سوى العمل والصبر، ولمست كيف أن المرأة المصرية نموذج في المسؤولية والعطاء، وصدقاً الكثيرات منهم قدوة لي. أؤمن أن العمل هو سر الحياة، ولا سبيل للإنجاز إلا بالجهد والإخلاص، والمسئول الواعي يدرك قيمة الوقت في التخطيط والتنفيذ، ويرى كل الأبعاد والتداعيات.