كتب إبراهيم احمد
ازدادت أهمية الحفاظ على أمن الفضاء الرقمي للمستخدمين مع ارتفاع وتيرة الانتقال إلى العالم الرقمي في مختلف مناحي الحياة منذ العام الماضي. وأدّى الإدراك المتزايد لأهمية الخصوصية على الإنترنت إلى نمو المنتجات التي تركّز على الخصوصية، لكن ما زال الكثير من المستخدمين في حيرة من أمرهم بشأن المخاطر التي قد يؤدي إليها انكشاف البيانات الشخصية. ويسهّل الإلمام بالتهديدات الرقمية اتخاذ التدابير الكفيلة بتجنبها، والتي يُعدّ التشهير Doxing واحدًا منها، ويتمثل بجمع معلومات تعريفية شخصية والكشف عنها عبر نشرها على الإنترنت ضد إرادة صاحبها. وقد أطلقت كاسبرسكي، بالاشتراك مع Endtab.org، دورة تدريبية مجانية عبر الإنترنت لمساعدة المستخدمين على حماية أنفسهم والمقربين منهم من التشهير. وتلقي هذه الدورة الضوء على التشهير، وتعرّف به وبما ينبغي للمستخدمين اتباعه من تدابير للحماية منه، فضلًا عن طريقة التعامل مع عواقبه في حال وقوعه.
وغالبًا ما يُنظر إلى التشهير باعتباره شيئاً تتعرض له فئات مجتمعية ضعيفة أو أشخاص عاملون في مهن معينة، مثل الصحفيين أو النشطاء في مجالات معينة. لكن الممارسات الواقعية تُظهر أن المستخدمين من جميع الخلفيات من الممكن أن يقعوا ضحايا لعمليات التشهير، بالرغم من افتراض الكثير منهم أن حياتهم ليست جذابة بما يكفي لكي يصبحوا ضحايا لهجمات موجهة عبر الإنترنت. وثمّة العديد من الأسباب والدوافع الكامنة وراء أفعال التشهير، بينها الاستمتاع بنشر معلومات الآخرين الشخصية دون تقدير الضرر الذي قد يلحق بهم، ومحاولة أخذ القانون باليد (عن طريق الخطأ غالبًا)، والانتقام، والغيرة، وتعمّد المضايقة، وحتى محاولة كسب المال.
ويمكن أن يحدث التشهير مرة واحدة ويعطّل حياة الشخص تمامًا، دون أن يتوقع ذلك أبدًا. ويمكن أن ينكشف المستخدمون على الإنترنت بعدة طرق لا تقتصر على حضورهم في وسائل التواصل الاجتماعي وحدها. ويمكن أن يأتي الانكشاف من تسرّب البيانات، ونشر المعلومات من أجهزة تتبع اللياقة البدنية للجمهور، ومن السجلات الرسمية، والرسائل الخاصة. ويترك المستخدمون أثرًا كبيرًا لبياناتهم الشخصية يمكن التقاطه واستخدامه من قبل الجهات التي قد تسعى للتشهير بهم، لذلك تصبح استعادة المستخدمين السيطرة على بياناتهم وإمساكهم بزمام حياتهم الرقمية أمرًا ضروريًا لضمان سلامتهم وراحة بالهم. ولضمان ذلك، ينبغي للمستخدمين اتباع عادات رقمية إيجابية وممارسة أنشطتهم عبر الإنترنت في إطار من الوعي المسؤول. وتهدف الدورة التي طورتها كاسبرسكي وEndTab.org إلى المساعدة في تحقيق ذلك.
وتنقسم الدورة إلى سبعة دروس قصيرة؛ تحدّد الأساسيات اللازمة لفهم أصول التشهير، والأهداف التي يسعى المجرمون إلى تحقيقها من خلاله، والجوانب الأخلاقية لهذه الممارسة، وكيفية الحماية منها، والأهم من ذلك، الإجراءات الواجب اتخاذها في حال الوقوع ضحية لها. وقد أصبح النصف الأول من هذه الدورة متاحًا عبر الإنترنت، في حين يجري الإعداد للنصف الآخر من الدروس المتبقية لتصبح جاهزة في الأسابيع المقبلة.
ودعت آنا لاركينا خبيرة الخصوصية لدى كاسبرسكي، المستخدمين إلى الاهتمام بالممارسات والعادات المتبعة في حياتهم الرقمية، مثل اهتمامهم بها في حياتهم الواقعية، معتبرة أن من شأن ذلك المساعدة في الحفاظ على أمنهم وسلامتهم. وقالت إن كاسبرسكي تقدم خبرتها في مجال الأمن الرقمي واستخدام التقنية لتزويد المستخدمين بالمعرفة والأدوات المناسبة التي تساعدهم في تحقيق ذلك الهدف، مشيرة إلى أن التشهير “لا يؤمَن جانبه تمامًا، بالرغم من أنه لا يحدث على نطاق واسع”.
وأضافت: “لا يمكننا أن نضمن عدم إقدام شخص غاضب، سواء على الإنترنت أو في الواقع، على الإيقاع بنا، بغض النظر عما إذا كان يهدف من ذلك إلى التنمر أو الابتزاز أو الشعور بالمتعة فقط، أو حتى ربما تطبيق ما قد يراه عدالة عبر أخذ القانون باليد. لذلك فإن أفضل طريقة لتجنب المشاكل تكمن في معرفة ما تتعامل معه، وآمل أن تساعد الدورة التدريبية المستخدمين على الشعور بمزيد من التمكين والتحرر من بعض الضغوط الرقمية، كي يتمكنوا من الاستمتاع بعالم رقمي تسوده راحة البال”.
وأشارت لاركينا، في المقابل، إلى ضرورة أن يدرك المستخدم كيفية الحفاظ على نفسه من التحوّل إلى مخادع يسعى للتشهير بالآخرين، سواء بغير قصد أو عن عمد، وانتهت إلى القول: “علينا أن نفهم أسباب خطورة هذه الممارسة وكونها تتعارض مع المعايير الأخلاقية التي تسعى المجتمعات إلى تطبيقها واتباعها”.
من جانبه، دعا آدم دودج الرئيس التنفيذي لموقع Endtab.org، جميع المستخدمين إلى “الحذر من التشهير”، بالرغم من أنه قد لا يكون في نطاق اهتمام الجميع، مشيرًا إلى أن على الآباء أن يكونوا أكثر حذرًا، بالنظر إلى اعتبار التشهير شكلًا من أشكال الأذى الذي قد يظهر في حالات التنمر والإساءة عبر الإنترنت بين المراهقين. ويمكننا من خلال معرفة أخطار التشهير، أن نساعد في الحفاظ على أمن أنفسنا وأطفالنا على الإنترنت”.
وتُعد الدورة التدريبية عبر الإنترنت الجزء الأول من سلسلة أدوات يعتزم فريق كاسبرسكي إصدارها في مسعىً لتمكين المستخدمين من الحفاظ على سلامتهم الرقمية والارتقاء بها. ويمكن الوصول إلى الدورة مجانًا على موقع Education.kaspersky.com.
يمكن مطالعة التقرير المعنون بـ “سرقة المعلومات وكشفها والتشهير بأصحابها… إلى أين تنتهي بياناتك الشخصية؟” لمعرفة المزيد حول التشهير والبيانات الشخصية التي تُباع على الإنترنت المظلمة.