جريدة الوطن العربي سياسية – اجتماعية – اقتصادية – فنية- رياضية- مستقلة
من مدينة أشجار النخيل والجوافة، ومن بلد صناعة الأثاث والحلويات، أطلق المواطنون بمحافظة دمياط صرخة استغاثة وصيحة فزع من مخاطر عودة تصدير مادة الكلنكر المميت من ميناء دمياط، لما لذلك من تأثيرات خطيرة على البيئة والصحة العامة، خاصة لتلك المناطق المجاورة لأسوار ميناء دمياط البحري والمنطقة الحرة بدمياط.
ولمن لا يعرف، فالكلنكر هو المكون الرئيسي للأسمنت، وعلى الرغم من الدور الرئيسي لصناعة الأسمنت في البناء والتنمية، إلا أن غبار الكلنكر يتسبب في العديد من المشاكل الصحية تتمثل في أمراض الرئة والجهاز التنفسي فضلاً عن تسببه وبشدة في الإصابة بأمراض السرطان، هذا بخلاف التأثير على أنسجة الجسم المختلفة بما في ذلك أنسجة القلب والكبد والعظام والعيون والجلد غيرها، ليس هذا فحسب، بل إن تلك المادة الفتاكة لها تأثيرات بيئية خطيرة تلوث وتدمر المسطحات المائية وكذلك الأراضي الزراعية وتغير خصائصهما.
رسالة استغاثة تسلط الضوء
استغاثة من “س.أ” مزارع في العقد الرابع من عمره يسكن بإحدى قرى محافظة دمياط، فقمنا على مدار الأسابيع الماضية باستقصاء المعلومات وحصر البيانات، صدمة كبرى لما توصلنا إليه في أيامنا الأولى القليلة من البحث والاستقصاء فما بين معاناة الأهالي وعشرات الشكاوى التي تم تقديمها لمسئولي المحافظة ونوابها، وتجاهل نواب المحافظة ومسؤولي البيئة بها وكذلك المسؤولين بهيئة ميناء دمياط لاستغاثات المواطنين؛ نسرد لكم في هذا التحقيق الصحفي الحرب المستعرة بين شركات تصدير الكلنكر من ميناء دمياط وأهالي المحافظة وتواطئ بعض نواب المحافظة وسلبية مسئوليها، ومدى تأثير نقل وتخزين هذه المادة على البيئة والصحة العامة بالمحافظة.
قرار منع تصدير الفحم والكلنكر
بداية الأحداث تعود الى ما قبل عام 2005 حيث تسبب تصدير خام الكلنكر من محافظة دمياط إلى تدمير الأراضي الزراعية نتيجة الغبار المتطاير بأرجاء المحافظة، فعلى الرغم من تخزينه داخل مخازن مغلقة في ذلك الحين غير أن الطبيعة الجغرافية لتلك المحافظة الزراعية وعدم وجود ظهير صحراوي لها يسمح بإقامة مثل هذه المخازن الملائمة لطبيعة تلك المادة أدى لكوارث بيئية عديدة على التربة والهواء والماء أدت على الفور لمنع تصدير الكلنكر من ميناء دمياط ومنع تداوله بالمحافظة وكذلك منع نقله عبر طرقها.
وفي عام 2005 ودعما للاستثمار وحفاظا على البيئة وعلى صحة المواطنين قامت الدولة المصرية ومنذ ذلك الحين بتخصيص موانئ لتصدير هذه المادة بعيدا عن المحافظات الزراعية وباشتراطات بيئية دقيقة تضمن سلامة البيئة وصحة المواطنين، ومنعت تداول هذه المادة تماما من محافظة دمياط.
ترغيب وترهيب
حتى الآن تبدو الأمور جيدة وفي اتساق وتناغم مع “رؤية مصر 2030” والتي جعلت من الاستدامة البيئية واحدة من محاورها الثمانية الأساسية، ولكن على ما يبدو يأبى البعض من المقاولين والشركات إلا أن يُعيد المتاعب والمشاكل الصحية إلى حياة قاطني محافظة دمياط بإعادة نشاط تصدير الكلنكر من جديد إلى ميناء دمياط مما يستوجب نقله عبر طرق المحافظة وتخزينه على أراضيها وإن أجهز ذلك على حياة المواطنين أو قضى على أراضي الدولة الزراعية ومحاصيلها!!!
ففي سبيل جشع تحقيق الأرباح، تعمل مافيا تصدير الكلنكر من ميناء دمياط طوال الساعة على فرض نفسها كأمر واقع في محاولات بشتى الطرق لتقنين أنشطتها القاتلة، مستغلةً ضعف نفوس البعض من ناحية وتواطؤ بعض نواب المحافظة وبعص مسئولي البيئة بها من ناحية أخرى.
أنين سكان المناطق المجاورة للميناء
وأثناء رحلتنا الاستقصائية بمراكز وقرى المحافظة، التقينا مع “ر.ح” مدرسة وأحد قاطني عزبة ناصر المجاورة لسور ميناء دمياط، وبسؤالها عن عودة تصدير الكلنكر مرة أخرى أجابت بقولها:
“بيوتنا بقت زي السجن، وحساسية الصدر والعين بقت شيء أساسي من يومي، بناشد المسؤولين والرئيس عبد الفتاح السيسي ينقذ أهالي دمياط من خطر عودة تصدير الكلنكر”.
بينما أعربت “ه.ع” عن أسفها لعدم تجاوب مسئولين المحافظة لشكاوى أهالي دمياط التي عجت بها أدراجهم مما أضطرهم لتقديم العشرات من الشكاوى الرسمية لسكرتير المحافظة وعبر بوابة الشكاوى الحكومية (على حد قولها) ولا مجيب.
وأضافت، نتمنى أن يتخذ مسئولي المحافظة الاجراءات القانونية والرسمية اللازمة لردع كل من سولت له نفسه التواطؤ مع مافيا إعادة تصدير الكلنكر عبر محافظة دمياط لجني الأرباح الطائلة وإن أجهزت على صحة المواطنين وقضت على أراضي الدولة الزراعية.
