كتب إبراهيم أحمد
قال المفكر حسن إسميك، إن أزمة فيروس كورونا أضافت أقفالاً جديدة على أبواب الدخول المغلقة بالفعل في وجه اللاجئين السوريين، الأمر الذي أدى إلى زيادة استخدام القوارب الصغيرة الخطرة لعبور المهاجرين في عرض البحر الأبيض المتوسط. وفي هذا الصدد حذرت المنظمة الدولية للهجرة، والتابعة للأمم المتحدة، من أن “هناك حوادث غرق للمراكب تحدث بعيداً عن أنظار المجتمع الدولي”.
وأشار إسميك، إلى أن الأزمة السورية أدت لمقتل ما يقرب من نصف مليون شخص في الحرب، ونزوح نصف الشعب السوري من دياره (حوالي 6.8 مليون لاجئ سوري في دول أخرى، و6.7 مليون آخرين داخل البلاد) وحاجتهم الماسّة للمساعدات الإنسانية الدولية. حيث يعاني 12.4 مليون من السوريين – أي 60% من تعداد السكان- من “انعدام الأمن الغذائي”.
ووفقاً لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، فإن 3.1 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد وغير قادرين على تناول الطعام “ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة” لتوفير المساعدات الدولية لهم. ووفقاً لتقديرات خارجية، فإن سوريا، العالقة حالياً في حالة “اللا حرب واللا سلام”، تحتاج إلى 400 مليار دولار تقريبا لإعادة إعمار بنيتها التحتية.
وأوضح إسميك، أن الإدارات الأمريكية السابقة ارتكبت العديد من الأخطاء الأخرى التي سمحت بانتشار المنظمات الإرهابية، فضلا عن تدخل الميليشيات المدعومة من إيران. وفي غضون شهر من إعلان أمريكا 2019 الانسحاب من شمال شرق سورية، بدأت تركيا احتلالها لأراض واسعة هناك، وسارعت في تمويل وتدريب الميليشيات في محافظة إدلب شمال سوريا لتحقيق عمق استراتيجي يدعم خطة أنقرة في الهيمنة على شرق البحر الأبيض المتوسط بأكمله.
وأكد إسميك، أنه قد آن الأوان لتتبنى إدارة بايدن مقاربة أكثر مرونة تجاه دمشق، تتمثل في دبلوماسية مشتركة متماسكة بين روسيا والولايات المتحدة تجاه سوريا تساعد في الحد من نفوذ إيران الخطر والمزعزع للاستقرار، وبالتالي يجب أن تحظى هذه الدبلوماسية بالأولوية؛ خاصة وأن روسيا ستكون على استعداد لتقديم تنازلات لأنها لم تستطع تحقيق أي اختراق سياسي بعد أكثر من 5 سنوات من التدخل العسكري المباشر، وسيكون من مصلحة روسيا التعاون في استعادة السلام ومساعدة سوريا للوقوف على قدميها حتى تتمكن موسكو من البدء في سحب قواتها.
أضاف: يجب أن يشتمل التخفيف التدريجي للعقوبات المفروضة على سوريا خطة دبلوماسية لنزع السلاح تدريجياً، الأمر الذي سيعمل بدوره كإطار لتطبيع العلاقة مع الحكومة السورية، منوها بأنه يتعين على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رفع هذه العقوبات وتشجيع تطبيع العلاقات بين دمشق وجاراتها.
وذكر إسميك، أن ثمة أسباب كثيرة اليوم تدعم هذا التوجه وتؤكد ضرورة المضي به، فالحرب أولاً لم تتوقف بعد، وما زال بشار الأسد رئيس البلاد؛ ثانياً، أدى تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية في عام 2011، وفي منظمة التعاون الإسلامي عام 2012، إلى تحييد الأصوات الإقليمية المعتدلة التي كان من الممكن أن تساعد في التوسط لإنهاء الحرب الأهلية التي ما تزال تقسم البلاد. ثالثاً، أدى إخراج سوريا من الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لزيادة حاجتها لإيران وروسيا، حيث استطاعتا، وبتحالفهما مع تركيا إلى حد ما، دعم الحكومة السورية واستمرارها.
وشدد على أنه حان الوقت الآن لزيادة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق تمهيداً لانعقاد قمة جامعة الدول العربية في مارس، ويمكن أن تلعب أطراف إقليمية وعلى رأسها الإمارات دورًا مهمًا في ذلك.
وتابع: أن أبو ظبي استطاعت بسياساتها الحكيمة وقيادتها الفعالة على الصعيدين الإقليمي والدولي، كسب ثقة واحترام جميع اللاعبين الرئيسيين؛ سوريا وأمريكا وروسيا وبريطانيا العظمى والمملكة العربية السعودية ومصر والأردن؛ وكان تركيز أبو ظبي، طوال الصراع السوري، أولاً وقبل كل شيء، على مصالح الشعب السوري المحاصر.
وقال إن دبلوماسية الإمارات النشطة وشجاعتها الفعالة وقدرتها على تحقيق بعض الاختراقات في الملف السوري ستجعلها المرشح الأمثل لاستضافة اجتماع تحضره سوريا وجميع وزراء الخارجية في المنطقة، للتباحث في المعالم الرئيسية لحل الأزمة، وبما يضمن وحدة وسلامة الأراضي السورية، وخروج جميع القوات الأجنبية منها، والعودة الآمنة والكريمة للاجئين.
كما سيوفر هذا الاجتماع، مدخلاً إلى وضع خارطة طريق من أجل انتقال ديمقراطي سلمي بقيادة سورية (القيادة القائمة بالفعل) حسب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الذي تم اعتماده بالإجماع في ديسمبر 2015. فالخطة الوحيدة لحل الصراع السوري والتي نالت دعماً دولياً، تدعو إلى وقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، كما تدعو إلى البدء بعملية سياسية تمكّن السوريين من إقامة “حكم شامل وإصلاح سياسي”، وصياغة دستور جديد كمقدمة لـ “انتخابات حرة ونزيهة” تحت إشراف الأمم المتحدة، وذلك وفق طرح إسميك!.