بقلم / الدكتور أشرف عطيه رئيس مجلس إدارة شركة أوميجا سوفت
في كثير من الاحيان يستخدم بعض الحكام أساليب الخداع السياسي والتي تشمل الكذب والتلفيق والتكتم وهوعكس المصداقية والشفافية التي يتعرف فيها الفرد والمجتمع على الحقائق بصورة مباشرة وأمينة ، مع الأخذ في الاعتبار تفاوت الفكر البشري في القدرات الاستيعابية لتفاصيل الاحداث.
وفي الحروب يزداد استخدام الخداع السياسي بأساليب الكذب من خلال ترتيب بعض الاحداث بطريقة فيها خداع لتحكي قصة وهمية فيؤدي ذلك الى توصيل فكرة وخلاصة خاطئة ومختلفة عن الواقع للأحداث .
وفي معظم الأحيان يعتقد بعض الأشخاص بالصدق والشفافية فيما يتحدثون ويصرحون به ولكن الحقائق التي يستمدون منها هذا الاعتقاد تكون خاطئة .
أما التلفيق فيختلف عن الكذب إلى حد كبير ، فالتلفيق هو أن يحكي أحد الاشخاص حكاية يركز فيها على أحداث معينة ويربط تلك الاحداث بعضها ببعض بطريقة تصب في مصلحة الراوي الشخصية ويقلل من أهمية حقائق أخرى مع التجاهل لها .
ومن المتعارف عليه في السياسة الدولية ، يستطيع بعض الحكام والقادة إفتعال أنواع من الاكاذيب وبعض الأساليب الممنهجة لذلك ولكل إسلوب غرض معين وفي بعض الاحيان يؤدي إسلوب أو نوع واحد من تلك الاساليب أغراضا كثيرة .
فالإسلوب الأول هو توجيه الاكاذيب الى دول أخرى بهدف تحقيق تفوق إستراتيجي وسياسي واخفاء تحسن وضعها ، وغالبا يكون هذا النوع من الاكاذيب للدول المنافسة والمتصارعة .
أما الاسلوب الثاني فيظهر في إثارة الرعب عندما يكذب الحاكم أو القائد على شعبه بخصوص قضية سياسية خارجية تهدد البلاد معتقدا في هذا الاسلوب عدم اهتمام الشعب لخطورة التهديد الخارجي لكي يقوم بتحفيز الشعب على الجدية وتقديم التضحيات . وفي هذا الاسلوب يلجأ الحكام والقادة المخلصين لوطنهم الى إثارة الزعر ليس لأنهم أشرار أو لتحقيق مكاسب شخصية ولكن لتحقيق المصالح الوطنية من وجهة نظرهم .
ويأتي الاسلوب الثالث بما يسمى التغطيات الاستراتيجية وهو نوع من الاكاذيب والخداع السياسي من أجل إخفاء سياسات فاشلة أو مثيرة للجدل عن الشعب أو عن دول أخرى . وغالبا لا تطلق الدولة أو النظام هذه الاكاذيب لحماية الفاشلين في اعمالهم أو الاخفاء لسياسات خاطئة ، بل لحماية الدولة من الأذى وطمع الآخرين في مقدرات الدولة ومواردها واخفاء ضعف جيش تلك الدول في حالة الحرب للحفاظ على تماسك وتضامن الجبهة الداخلية كما يحدث الان في أوكرانيا .
والإسلوب الرابع يأتي في صناعة الأساطير القديمة حول أكاذيب على الماضي لدولتهم مما يوهم هذا الشعب بأن النظام على حق عن طريق إنكار الحقائق بتلك الاساطير الخادعة ، والادعاء باشياء على الانظمة السابقة لم يقوموا بها من الاساس . وهذا مهم من وجهة نظر الحكام لبناء دولة قومية والحفاظ عليها . وتشجيع الدولة والشعب على القتال للحروب من أجل وطنهم والحفاظ على قوميتهم .
أما الاكاذيب الليبرالية فهي تتناقض تماما مع منظومة المباديء والاخلاقيات التي ينادي بها الكثير من المنظمات الدولية والقانون الدولي . فتلك الانظمة تتصرف بوحشية تجاه الدول الاخرى وتتحالف مع دول تتخذ الممارسات السيئة سبيلا لها .
وفي النهاية يختلق هؤلاء الحكام والقادة قصص تحكى لشعوبهم أو للعالم للتموية والخداع على تصرفاتهم غير المتسقة بإسلوب بلاغي مخادع في ظل النظام الدولي الذي ظهر فيه قانون الغابة وحق الفيتو واستغلال العلم والابتكار في الوحشية وليس في العدالة الانسانية والسلام وسعادة الشعوب والقانون الدولي المزعوم .
خالص تحياتي وتقديري
د / أشرف عطيه