B أشرف سراج.. يكتب / بناء الكفاءات الوطنية في مجال الأمن السيبراني ركيزة أساسية لتحقيق رؤية "مصر الرقمية"   - جريدة الوطن العربي
الرئيسية » مقالات » أشرف سراج.. يكتب / بناء الكفاءات الوطنية في مجال الأمن السيبراني ركيزة أساسية لتحقيق رؤية “مصر الرقمية”  
https://cairoict.com/trade-visitor-registration/

أشرف سراج.. يكتب / بناء الكفاءات الوطنية في مجال الأمن السيبراني ركيزة أساسية لتحقيق رؤية “مصر الرقمية”  

  بقلم: أشرف سراج، المدير الإقليمي لتريند مايكرو في شمال إفريقيا وبلاد الشام

رسمت جمهورية مصر العربية بتوجيهات قيادتها الرشيدة خريطة طريق نحو تنمية وطنية مستقبلية شاملة ومتكاملة، واختطت لها مساراً نهضوياً طموحاً لتحقيق مشروعها الوطني المتمثل في بلوغ «رؤية مصر 2030»، سعياً منها لتعزيز موقع مصر على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وتأسيسها كقوة استثمارية بصفتها مركز استراتيجي يربط القارات الثلاث.

ولتحقيق هذا الهدف المنشود، يجب توافر جميع الأركان الأساسية اللازمة للمضي قدماً في هذه الرحلة، ويكمن أحد أهم هذه العناصر الرئيسية في توفر “الأمن السيبراني”، حيث أصبح أحد أهم ركائز الاقتصاد الرقمي في العالم ومطلباً أساسياً يدخل في صلب مختلف الصناعات، وهو الأمر الذي يتطلب ضرورة رفع الوعي بخطورة التهديدات السيبرانية، ومدى أهمية تفعيل منظومة الأمن السيبراني في مختلف قطاعات الدولة، وحماية البنية التحتية الالكترونية في مصر لحماية البيانات الرقمية.

وبما أن مصر تقود في الوقت الراهن قاطرة المنطقة فيما يتعلق بإستخدام وتسخير الحلول التكنولوجية، تماشياً مع المشهد المتسارع  للحكومات في التنافس على التحول الرقمي من أجل تحقيق أجندتها الوطنية، وسعياً منها إلى بناء مشروع “مصر الرقمية” للدخول في البلاد إلى عصر تكنولوجي جديد يتيح لها الوصول إلى مجتمع مصري يتعامل رقميًا في كافة مناحي الحياة، لن يتوقف دور حكومة مصر على توفير أحدث التقنيات الأمنية فقط، بل يستوجب عليها رفع مهارات العنصر البشري والاستثمار فيه وجعل المواطن المصري صمام الأمان لرحلة التحول الرقمي للبلاد، ويعود السبب في ذلك لأن التكنولوجيا وحدها لاتكفي إذا لم توجد الكفاءات التي تمتلك المهارة اللازمة لتفعيلها. 

وبهذا الصدد، أطلقت حكومة مصر عددًا من المبادرات والمشروعات التي تستهدف بناء الإنسان المصري ليكون جاهزًا لعصر التحول الرقمي فلا يمكن أن يُبنى مجتمع رقمي دون وجود المستوى والخبرة والأعداد الكافية من الموارد البشرية التي ستتولى تنفيذ هذه المهمة. ومن هذا المنطلق قامت الحكومة تحت رعاية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بتوفير التدريب وبناء القدرات لجميع شرائح المجتمع، بما في ذلك طلاب المدارس والجامعات والخريجين والمهنيين والأشخاص ذوي الإعاقة، بما يضمن تنمية المهارات والخبرات المصرية في التخصصات المختلفة لصناعة تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني. 

وبدورنا في تريند مايكرو نمتلك التزاماً راسخاً تجاه تمكين حكومة مصر من تحقيق أهدافها المرجوة، وايماناً قوياً بأن ما نقدمه من تقنيات أمنية لا بد أن يواكبه فهم حقيقي من المجتمع بأهمية دور الأمن السيبراني في تأمين وحماية مؤسسات ومصالح الدولة في مرحلة التحول الرقمي، وضمان التكيف مع ما يشهده العالم من نمو مستمر في أعداد مستخدمي الأجهزة والنظم الذكية ، ويكون ذلك من خلال تشجيع المهارات الفردية للشباب في مجال الأمن السيبراني، وتأهيلهم لمواجهة الهجمات الإلكترونية الضارة، والقدرة على امتلاك الأدوات المناسبة والمهارات اللازمة لاكتشاف الثغرات، وفحص الشبكات والأنظمة وحماية نظم معلومات مؤسسات الدولة من الاختراق الخارجي، وسرعة الاستجابة بما يضمن مساعدة الدولة على تجنب خسائر مالية فادحة على مستوى الاقتصاد الوطني. 

وفي التطرق إلى أهم التوجهات التي بدورها تساهم في نشر ثقافة الأمن السيبراني وضرورة دفع الشباب نحو هذا التخصص الذي أصبح شريان حياة جميع القطاعات، يتجسد التوجه الأول في تشـجيع ودعـم وتنميـة “البحـث العلمـي والتطويـر” ودعـم التعـاون بيـن الجهـات البحثيـة والشـركات الوطنيـة، خاصة في مجال تحليل البرمجيات الخبيثة المتقدمـة، ومجال تحليل الأدلة الرقميـة، وفـي مجـال حمايـة وتأميـن نظـم التحكـم الصناعيـة، ومجـال تطويـر أجهـزة وأنظمـة تأميـن النظـم والشـبكات، ومجـال التشـفير والتوقيـع الالكترونـي، ومجـال حمايـة البنـية التحتيـة للاتصالات وتكنولوجيـا المعلومـات، ومجـال تأمين الحواسـب السـحابية وحماية قواعـد البيانـات الكبـرى ومجـال تقنيـات الـذكاء االصطناعـي وانترنـت الأشـياء

بينما يتمثل التوجه الثاني في وضــع وتنفيــذ خطــط وحمــلات “للتوعيــة المجتمعيــة” بالفــرص والمزايــا التــي تقدمهـا الخدمـات الالكترونية المُؤمّنـة للأفراد والمؤسسـات، وبأهميـة الأمن السـيبراني لحمايـة تلـك الخدمـات مـن المخاطـر والتحديـات التـي قـد تواجههـا، فضـلاً عـن حمايـة الخصوصيـة وبرامـج حمايـة الأطفال علـى الانترنت.

أما التوجه الثالث يتمحور حول ضرورة وضع “اطـار تنظيمـي وانشـاء منظومـة وطنيـة” لحمايـة أمـن الفضـاء الســيبراني ونظــم وقواعــد البيانــات والمعلومـات القوميـة وبوابـات الخدمـات الحكوميـة والمواقـع الحكوميـة علـى الانترنت، وذلـك بإعـداد وتفعيل ما يعرف بفرق الاستعداد والاسـتجابة لطوارئ الحاسـبات والشـبكات، في القطاعات الحيوية علــى المســتوي الوطنــي، وسن قوانين تشجع على تسهيل عملية تأمين بيئة قطاع الأعمال لضمان استمراريتها، علماً أن هذه القوانين والبنود تكون وفقاً للمستجدات المرتبطة بمشهد الأمن السيبراني.

في حين يكمن التوجه الرابع في “تنمية الكـوادر البشـرية والخبـرات” اللازمة لتفعيـل منظومـة الأمن السـيبراني فـي مختلـف القطاعـات، بالتعـاون والشـراكة مـع القطـاع الحكومي والخـاص والجامعـات ومؤسسـات المجتمـع المدنـي. ويعتبر التدريب من ضمن الاستراتيجيات والأمور الأساسية التي تقوم بها تريند مايكرو في مصر، وقد تبنينا عدة مشاريع مثل تدريب الخريجين الجدد، فمنذ 3 سنوات قمنا بتأهيل الكوادر من خلال تزويدهم بالمعارف اللازمة ومن ثم دمجهم في بيئة العمل ليكتسبوا خبرات عملية، والآن نحن نرى ثمرة هذه الجهود، فهؤلاء الخريجين يعملون في عدة أفرع من فروع تريند مايكرو في دول الخليج العربي وشمال أفريقيا وفي سنغافورة وأمريكا وكندا وغيرها الكثير من البلدان. وبعد نجاح الفكرة التي تم تطبيقها في مصر أولاً، قمنا بنشر ونقل هذه التجربة من مصر لتشمل دول أخرى على مستوى العالم حيث تم تخريج دفعات أخرى من البرازيل وأمريكا وكندا والسعودية والهند.

ومن ضمن مبادراتنا التي كان لها دور فعال في رفع مستوى الوعي بالأمن السيبراني لدى الشباب المصري هي مسابقة “التقط العلمCTF ” والتي نقيمها بالشراكة مع CyberTalents، وهي شركة متخصصة في تقييم وتصنيف محترفي الأمن الإلكتروني في المنطقة، وتهدف هذه المسابقة إلى تعزيز العقول ورفع مستوى المهارات في قطاع أمن تكنولوجيا المعلومات واكتشاف أفضل المواهب في هذا المجال داخل الجمهورية.  حيث تتمحور فكرة المسابقة في إيجاد حلول حقيقية لمشكلات الأمن السيبراني عبر إقحام المشاركين في سلسلة من التحديات المعقدة في الوقت الراهن. ومن مصر انطلقت مسابقة “إلتقط العلم” إقليمياً لتشمل دول عربية أخرى ليحظى الفريق الفائز بالمسابقة الاقليمية بفرصة تمثيل العالم العربي في المسابقة العالمية التي تقام سنويا باليابان.

ويجدر بالذكر أن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بذلت على مدار الأربع سنوات الماضية جهود كبيرة للإستثمار في بناء الإنسان من خلال مجموعة ضخمة من البرامج التدريبية التي تلبي احتياجات السوق؛ وقد ارتفعت ميزانية التدريب التقنى خلال ثلاث سنوات 22 مرة فيما زادت أعداد المتدربين 50 مرة؛ ليصل إلى 200 الف متدرب مستهدف خلال العام المالي الحالي بميزانية 1.1 مليار جنيه؛  حيث حرصت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على اتاحة التدريب التقني بالشراكة مع شركات القطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية المرموقة لنقل الخبرات العملية للشباب المصرى وإعداد الكوادر التى تعد الركيزة الأساسية لبناء اقتصاد المعرفة.

وفي الختام، يجب التنويه على أن مواجهــة الأخطــار والجرائــم الســيبرانية تحتــاج ايمانــا صادقــا وجهــدا دؤوبــا وشــراكة مجتمعيــة موسـعة تشـمل الجهـات الحكوميـة والقطـاع الخـاص والمؤسسـات البحثيـة والتعليميـة ومنظمـات العمال والمجتمع المدني لتعظيم الاستفادة من الفرص المتميزة التي تتيحها تقنيات الاتصالات والمعلومــات الحديثــة فــي شــتى مجــالات التنميــة الاقتصاديــة والاجتماعيــة والثقافيــة، مــع حمايــة مجتمعنـا مـن مخاطـر وأضـرار الجرائـم والهجمـات السـيبرانية.

عن admin

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

إبراهيم أحمد.. يكتب / مصري وافتخر

بقلم / الكاتب الصحفي : إبراهيم أحمد حينما كنت واقفا في فناء المدرسة وانا طفل ...