أكد المهندس مدحت بركات، الخبير الاقتصادي ورئيس حزب أبناء مصر، أن الأزمة الروسية ـ الأوكرانية ألقت بأعباء ثقيلة على الاقتصاد العالمي وليس المصري فقط، وتسببت في أزمات بالعديد من الدول المتقدمة كألمانيا وبريطانيا خاصة فيما يتعلق بالتضخم وتوافر السلع.
أضاف أن الأزمة أنتجت أسوأ فقر في بريطانيا من 30 عامًا حتى أن 550 بنكًا للطعام التي تساعد الفقراء حذرت رئيس الوزراء بوريس جونسون، من اقترابها من “نقطة الانهيار” لعجزها عن مواجهة ارتفاع عدد المحتاجين.
أشار إلى الرقم القياسي الذي سجله التضخم في الغرب وتعدى 8% بأمريكا أقوى اقتصاديات العالم، بينما ألمانيا أقوى الاقتصاديات الأوروبية ارتفع بها سعر الخبز بواقع 7.1% والزيت النباتي بنحو 30%، وأصبح سلعة نادرة في بعض المحالات التجارية حتى بات المواطن لا يستطيع شراء أكثر من زجاجة زيت وكيلو دقيق من المحال التجارية.
أضاف بركات أن مصر لم تشهد في المقابل نقصًا في السلع الغذائية التي يتم طرحها في جميع المحال التجارية ، لكن المشكلة في ارتفاع أسعارها نتيجة التضخم المرتبط بالسلع المستوردة من الخارج والتي قفزت بسبب تأثير ارتفاع الوقود وأعباء الشحن على أسعار السلع.
يؤكد أن الأحزاب السياسية عليها دور كبير في الفترة الحالية في توعية المواطنين بأسباب الأزمة الاقتصادية الحالية، ونقل مخاوفهم وتساؤلاتهم للدولة المتعلقة بتوقيت تراجع الأسعار، وكيفية تعاطي الاقتصاد المصري مع تداعيات ارتفاع الوقود والتضخم العالمي.
أوضح أن الاحتياطي النقدي تراجع للمرة الأولى منذ 20 شهرًا بقيمة بلغت 3.91 مليار دولار لمواجهة صدمة الأسواق الدولية والحفاظ على استقرار الأسواق المصرية، وتغطية احتياجات السوق المصري من النقد الأجنبي، وتغطية تخارج استثمارات الأجانب والمحافظ الدولية.
أشاد بالدعم الخليجي للاقتصاد المصري في الظروف الراهنة بما يزيد على 20 مليار دولار سواء في صورة استثمارات أو ودائع، والتي تعمل على استقرار الاحتياطي النقدي وكذلك سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري، والتي تعطي أيضا رسالة ثقة للمستثمرين الأجانب بقدرة مصر على تجاوز الأزمة الراهنة مثلما تجاوزت أزمة كورونا.
أضاف أن المشروعات القومية لم تتوقف أبان أزمة كورونا أو الحرب الأوكرانية الروسية، فالدولة لديها سياسة واضحة نحو استمرار دفع النمو الاقتصادي، والتشغيل لجعل بيوت المواطنين مفتوحة.
أضاف أن طيور الظلام ودعاة الشر يشيعون على مدار الأسابيع الأخيرة مناخا من الإحباط والتشكيك في الاقتصاد المصري ووصل بهم التآمر إلى الإدعاء والترويج بأن الاقتصاد المحلي يواجه مخاطر الإفلاس، رغم تأكيد البنك الدولي أن توقعات معدل نمو الاقتصاد المصري لا تزال إيجابية رغم تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، مقارنة بتوقعات ما قبل الأزمة، حيث جاءت نتائج توقعات معدل النمو للعام المالي 2021-2022 في كل من تقريري إبريل ويناير 2022 مسجلة 5.5%، مقابل نتائج توقعات تقرير أكتوبر 2021 والتي سجلت 5%.
وأشار على تقرير الإكونوميست المجلة الاقتصادية المرموقة الذي أكد أن الأزمة الأوكراني لها بعدين على الاقتصاد المصري أولهما في أسعار القمح المرتفعة التي تستدعي زيادة الإنفاق على الواردات لكن هناك بعد آخر في ارتفاع أسعار الطاقة بصورة كبيرة، مما سيؤدى لزيادة عائدات صادرات الغاز المصري والتي من المحتمل أن تفوق تكاليف استيراد القمح.
أضاف أن مصر فى فترة كورونا حققت نمو بنسبة 3.6%، فكانت مصر الاقتصاد الأعلى نموا فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بينما كان النمو في غالبية الاقتصاديات بالسالب خلال الفترة ذاتها، لكن الأمر يتطلب الاستفادة من الفترة الحالية في إعادة التخطيط للاقتصاد المصري مستقبلاً.
ومن منطلق دور الأحزاب في تقديم مقترحات للحكومة لتجاوز الأزمة الحالية وتجنب حدوثها مستقبلاً، يقول إن الحكومة عليها التركيز في الفترة المقبلة على ملف الصناعة وتقليل فاتورة الاستيراد من الخارج خاصة السلع الوسيطة التي تدخل في إنتاج سلع نهائية.
وشدد على ضرورة التوسع في نشاط الأسمدة التي تعاني من نقص حاد في العالم كله وتوفيرها بأسعار مخفضة للمزارعين من أجل تشجيعهم على التوسع في الإنتاج وتقليل أعباء الإنتاج وأن تقلص الدولة حلقات تداول السلع ما بين المستهلك والمزارع والتي تكون السبب الرئيسي في ارتفاع كثير من الخضروات والفاكهة.
وطالب بضرورة الاهتمام بالمحاصيل الإستراتيجية مثل القمح والزيوت فلا يليق بمصر التي كانت تطعم الإمبراطورية الرومانية أن تظل المستورد الأول للقمح في العالم، وأن تستورد نحو 90% من زيوتها من الخارج سواء تامة الصنع أو بذور من أجل عصرها واستخلاص الزيوت منها.
وأشاد في الوقت ذاته بالمشروعات القومية المصرية في مجال الزراعة، وفي مقدمتها المشروع القومي لاستصلاح المليون ونصف مليون فدان، ويشمل المشروع 13 منطقة فى 8 محافظات، والمشروع القومي للغذاء وإنشاء 100 ألف صوبة زراعية، لبناء مجتمعات زراعية تنموية متكاملة، وسيادة مفهوم الجودة الفائقة للمنتجات الطازجة محليا، الخالية من الملونات، بجانب مشروع الدلتا الجديدة الذي يقام بمنطقة محور الضبعة لزراعة أنواع المحاصيل كافة، على مساحة 1.5 مليون فدان.