كتب إبراهيم أحمد
يترقب العالم أجمع غداً الاثنين القمة التاريخية التي تجمع سلطان عُمان، هيثم بن طارق والرئيس الإيراني الدكتور إبراهيم رئيسي الذي يحل ضيفًا على عُمان في زيارته الأولى للسلطنة منذ تسلمه الرئاسة، ومبرر ذلك الترقب هو معرفة العالم للعلاقات التاريخية القوية بين سلطنة عمان وإيران والسياق التاريخي لدور عُمان في الاتفاق النووي ودورها المستمر في التقريب بين وجهات النظر وإخماد الفتن وإرهاصات الحروب.
وعلى الرغم من أن سلطنة عُمان ليست عضوًا مباشرًا في مفاوضات الملف النووي الإيراني الذي شهد في الشهرين الأخيرين بعض التعثر بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من التوقيع فإن السياق التاريخي لهذه المفاوضات لا يمكن أن يتجاهل عُمان بوصفها الدولة التي وضعت الأرضية الأساسية لهذا الاتفاق وعملت على تقريب الطرفين الأساسيين فيه: أمريكا وإيران، واستضافت حواراته التأسيسية، وجولة من جولاته المهمة، وبقيت ترعاه حتى لحظة التوقيع عام 2015 ليتنفس العالم الصعداء بعد أن كان متوجساً من انزلاق الطرفين نحو حرب مدمرة يطال تأثيرها ليس العالم فقط ولكن منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط.
ومنذ أن خرجت الولايات المتحدة من الاتفاق في ظروف دراماتيكية في عام 2018 بقيت الأنظار تتجه نحو سلطنة عمان وقيادتها لبذل جهود جديدة لإحياء الاتفاق.
ومع وصول الرئيس الأمريكي بايدن إلى البيت الأبيض عادت الولايات المتحدة لترى أن مصلحتها العليا تكمن في اتفاق نووي مع إيران.. وبدأت المفاوضات من جديد وسط أجواء حذرة تارة ومتفائلة تارة أخرى.. وقبل شهرين فقط كان العالم يوشك أن يحتفل بانتصار دبلوماسي جديد يتمثل في التوقيع على نسخة جديدة من الاتفاق قبل أن تتعثر الجهود وتعود إلى مربعات متأخرة و«مخيفة»، لكن الأصوات المتزنة في هذا العالم ما زالت تعمل من أجل اتفاق «تاريخي» آخر بين إيران والمجتمع الدولي.. وما زالت مواقف سلطنة عمان من هذا الاتفاق تسير على الخط التاريخي نفسه، وما زالت تبذل الكثير من الجهود من أجل أن تبقى المنطقة بعيدة على نيران الحروب.
وبالرغم من أن الملفات المطروحة أمام القمة العُمانية الإيرانية، لا تنحصر في الملف النووي فقط، لكن هذا الملف يحضر قويًا لأسباب عالمية كثيرة، خاصة أن أي توترات جديدة بين الغرب وإيران في هذه المرحلة بالذات يمكن أن تكون كارثية على العالم أجمع في ظل المؤشرات التي تؤكد على طول أمد الحرب الروسية- الأوكرانية وتداعيات سوق الطاقة في العالم وكذلك سوق الغذاء، إضافة إلى ما يمكن أن تنتهي إليه الحرب على أوكرانيا من تشكل نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب ومختلف التحالفات.
وإضافة إلى البعد الدولي الذي يمكن أن تُقرأ فيه الزيارة هناك بُعد متجدد يتمثل في تعزيز العلاقات بين البلدين الصديقين (عُمان وإيران) وبشكل خاص على الجانب الاقتصادي، فعلى الرغم من قوة العلاقات السياسية والجوار الجغرافي فإن العلاقات التجارية والاقتصادية ما زالت دون المستوى الذي يطمح له البلدان.
وفي ظل توجهات سلطنة عُمان نحو تعزيز الجوانب الاستثمارية وجلب رؤوس الأموال الخارجية للبلاد يبدو حضور الشق الاقتصادي في هذه الزيارة قويًا، ومن المنتظر أن يتم توقيع مذكرات تفاهم في هذا الجانب على أمل أن تفضي في القريب العاجل إلى علاقات اقتصادية استراتيجية.