كتب إبراهيم أحمد
اكتشف الباحثون في مركز مايو كلينك لنهج الطب الشخصي التوقيعات الجينومية البشرية الرئيسية التي قد تساعد في تفسير سبب كون فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) شديدًا لدى بعض الأشخاص ومعتدلًا لدى آخرين. بعد تحليل كميات من بيانات تسلسل الحمض النووي في جميع أنحاء العالم، قام العلماء بتحديد طفرات في اثنين من البروتينات البشرية قد تؤثر في مسار فيروس كورونا 2 المسبب لمتلازمة الالتهاب التنفسي الحاد الوخيم (السارز) – الفيروس المسبب لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
وقد كشفت دراستهم أن التغيرات في الجينات ACE2 وTMPRESS2 يمكن أن تؤدي إلى زيادة في التعبير البروتيني أو انخفاضه. قد تؤدي زيادة التعبير البروتيني إلى ارتفاع قابلية الإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وشدته، في حين أن انخفاضه قد يكون له تأثير وقائي ضد الفيروس. حيث تلعب البروتينات العديد من الأدوار الحاسمة في الجسم. وفي هذه الحالة، توفر الجينات ACE2 وTMPRSS2 نقاط دخول حاسمة لفيروس كورونا 2 المسبب لمتلازمة الالتهاب التنفسي الحاد الوخيم (السارز) لغزو وإصابة الخلايا البشرية.
تشير نتائج الدراسة، المنشورة في مجلة علم الوراثة الجزيئية البشرية، إلى نهج تشخيصي جديد محتمل يعتمد على التغير في خلايا المضيف بدلًا من الفيروس نفسه الذي يتطور باستمرار.
“فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) خبير في تكرار تغيير تسلسل جيناته، لكن هذا ليس سوى نصف القصة. تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن تفاعل الفيروس مع البروتينات المشفرة بواسطة الجينوم البشري قد يكون أيضًا عاملًا مساهمًا في نتائج مرض الشخص” – كما تقول لينجشين تشانغ، الحاصلة على الدكتوراه، والمؤلفة الرئيسية للدراسة والباحثة في برنامج الصيدلة الجينية في مركز نهج الطب الشخصي.
وتضيف الدكتورة تشانغ: “يمكن الآن تطبيق هذه النتائج على بيانات تسلسل الحمض النووي للمرضى المصابين بفيروس كورونا 2 المسبب لمتلازمة الالتهاب التنفسي الحاد الوخيم (السارز) لتحديد درجة قابلية الإصابة بالمرض. آملُ أن تتوسع هذه المنهجية لتشمل الجينات الأخرى المتورطة في فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وأن يتمكن العلماء والأطباء في جميع أنحاء العالم من استخدام هذه المعلومات لمساعدة مرضاهم”.
لأغراض هذه الدراسة، فقد تعمقت الدكتورة تشانغ وفريقها في بيانات تسلسل الحمض النووي لما يقرب من 71,000 شخص في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك ما يقرب من 30,000 من الأقليات العرقية والإثنية، لتحديد التغيرت التسلسلية في جينات ACE2 وTMPRESS2. ثم قام الفريق بتحليل المئات من تغيرات البروتينات المشفرة بواسطة الجينات المذكورة، وحددوا الجينات المتغيرة التي تولد مستويات عالية ومنخفضة من التعبير. ولفعل هذا، صممت الدكتورة تشانغ خلايا قادرة على التعبير عن تغيرات البروتينات، ثم وباستخدام الترميز اللوني، قامت هي وفريقها بتحليل التغيرات لمعرفة أيها أكثر أو أقل استقرارًا.
كما استخدمت الدراسة قرابة مليون خلية مولَّدة وأنتجت مليارات من نقاط البيانات، والتي حللها الفريق باستخدام سلسلة من التقنيات، بما في ذلك فرز الخلايا، وعلم الجينوم الحديث، وتسلسل الحمض النووي عالي الإنتاجية، وإحدى خوارزميات الكمبيوتر.
يقول ريتشارد وينشلبوم، دكتور الطب، والمؤلف المشارك للدراسة، وعالم الصيدلة الجينية في مركز نهج الطب الشخصي، وإدارة الصيدلة الجزيئية والعلاجات التجريبية: “على حد علمنا، إنها المرة الأولى التي يطبق فيها أي شخص هذا النهج على فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). لم يكن هذا العمل ليصير ممكنًا لولا التطورات الهائلة في تسلسل الحمض النووي، إلى جانب التطورات الموازية في قدرتنا على اختبار الآثار الوظيفية والطبية المترتبة على التغيرات الفردية في تسلسل الحمض النووي – ونتيجة لذلك – لأحد التغيرات الفردية في البروتينات المشفرة بواسطة جيناتنا”.
يقول الدكتور وينشلبوم إن الدراسة أصبحت ممكنة أيضًا بسبب القدر الكبير من معلومات تسلسل الحمض النووي البشري المتاحة الآن للجمهور- بشرط أن تكون هذه البيانات محمية بعناية ويجب مراجعة استخدامها والموافقة عليه لتجنب أي انتهاك محتمل للخصوصية.
بحلول 11 تموز/يوليو 2022، توفي أكثر من 6.3 مليون شخص حول العالم بسبب فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) منذ بداية الجائحة.