بقلم / الدكتور أشرف عطيه رئيس مجموعة أوميجا جيت
الدكتاتورية في معناها العام هي اعتزاز المرء وغروره برأيه وعدم قبول النصيحة . ويقصد بها في الغالب وتحديدا استبداد الحكومات لأنها أعظم مظاهر الاستبداد وهي التي جعلت حياة الشعوب والانسان بشكل خاص في شقاء وتعاسة ومر العيش .
والاستبداد الحكومي يتبلور في تصرف فرد أو مجموعة تحكم في الحقوق وادارة موارد الدولة بلا خوف من حساب أو عقاب .
فالاستبداد والدكتاتورية هي أصل كل شرور الامراض الاجتماعية . فهي تدمر المجتمع وتتسبب في انحراف التربية عن المثل والاخلاق للأبناء والبعد عن القيم العليا ويبتعد المجتمع عن التدين الحقيقي ويغلب التدين الظاهري وظهور الفتاوي التي ليس لها اصل شرعي في ظل جهل وحماقة وبيئة اعلامية فاسدة تساعد على انتشار تلك الحماقة . والاستبداد يحارب ويراهن على جعل المجتمع لايعلمون شيئا ولا يتعلمون .
وتخلق الدكتاتورية أيضا فجوة اقتصادية وانهيار اقتصادي للدولة ويشعر به المجتمع في ضيق العيش من مأكل وملبس ومسكن ومشرب وخدمات صحية وما الى ذلك . وتساعد الديكتاتورية والاستبداد على تكوين الثروات في أيدي الاغنياء فقط مما يجعل الفقراء أكثر فقرا وغياب الطبقة المتوسطة والتي تمثل رمانة الميزان لأي مجتمع .
والأخطر من ذلك هو ظهور الفساد والذي ينهش في جسد الدولة والمجتمع كالهشيم في النار ليدمر كل شيء وتظهر الرويبضة والمنافقون ويطفوا على السطح كخبث الحديد وغثاء السيل .
والدكتاتورية لايخفى عليها أنه لا استعباد ولا تعسف ولا هيمنة وسيطرة الا عندما تكون الرعية والمجتمع حمقى في ظلام الجهل يعمهون . فالعلم نور يوضح الخير ويفضح الشر ويبدد ظلام الاستبداد والقهر . والجدير بالذكر فإن الاستبداد والدكتاتورية تطغى وتقوى بزيادة نسبة جهل وانعدام خبرة وذكاء المرؤوسين .
فالدكتاتورية والاستبداد لاتخشى من العلوم الدينية والشرعية أكثر مما تخشى من علوم الحياة والطبيعة والعلوم الاجتماعية الفلسفية وحقوق الأمم وطبائع وصفات المجتمع الاقتصادية والسياسة المدنية وغيرها من العلوم التي تفضح ظلمة القهر والاستبداد . والدكتاتورية ترتعد خوفا من النداء بالعلم وتعليم الناس ونشر الثقافة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية وبزوغ نجم العلماء اصحاب الفكر والابداع والابتكار والعلم .
فالدكتاتورية والعلم ضدان متنافران لايجتمعان فالغالب ان رجال الدكتاتورية يطاردون رجال العلم وينكلون بهم فالسعيد منهم هو من يتمكن من هجرة هذا المجتمع الذي اصيب بفاقة الاستبداد والقهر ولهذا تجد معظم العلماء والمفكرين والآدباء وأصحاب الفكر الحر المستنير ماتوا غرباء في بلاد رحبت بهم ومنحتهم ما لا يمنحه اوطناهم لهم .
إن العلم هو أخوف ما يخافه المستبدون لأن العلم يعرف الناس حقيقة دامغة وأصيلة الا وهي أن الحرية أفضل من الحياة وأن يعرفوا النفس وعزها وكرامتها والامانة والشرف ومكانته . وكيف تحفظ الحقوق وكيف يرفع الظلم ويكتسبون المعاني السامية للإنسانية والرحمة . والخلاصة هي ما إنتشر نور العلم والايمان بالله في أمة الا وتحررت من قيود الدكتاتورية والاستعباد واشرقت شمس الرخاء والعدالة والحب والإخاء والمساواة بين المجتمع .وللحديث بقية .
خالص تحياتي وتقديري
د / أشرف عطيه