نحن نعيش في زمن تختلط فيه الأوراق وتهبط القيم ويستطيع المنافقون أصاحب الألسنة المراوغة والحركات التمثيلية القدرة على تلوين الوجه والجلد أن يخدعوا الناس بألسنتهم ويوهموا الآخرين بسلوكهم والانبهار بهم فتارة يتلونون بالدين وتارة بالوطنية وأخرى بالانتماء والإخلاص فإذا كان الوضع يتطلب منهم البكاء يبكون أو التودد يتوددون أو الهدايا يرسلون أو العنصرية يتعنصرون أو الكذب يكذبون أو النميمة ينمون فهم يعتبرون اللصوصية دهاء والخدعة لباقة والكذب ذكاء وأكل حقوق العباد مرجله والخنوع والتذلل مصلحة
نحن نعيش هذه الأيام مع من تحركهم المصلحة وتوجههم المنافع ويحكمهم حب الذات والمادة لديهم القدرة على التلون كالحرباء يتقنون مهارة الثعلبة ومقدرة القردة على التمثيل ذئاب الأخلاق ضباع الطباع يميلون مع الريح حيث مالت يهتفون ويصفقون للمنتصر ليس لهم ذمم تحدد معالم هويتهم أينما وجدوا الفرصة التي تحقق لهم أهواءهم ومصالحهم لبسوا ثوبها وأظهروا الإخلاص لها همهم الوحيد الوصول
يغتنمون الفرصة ليسرقوا قوت الآخرين ويتسللوا إلى أهدافهم عن طريق التلون يبيعون أخلاقهم بمصالحهم ومنافعهم ويأبى الطبع اللئيم أن يفارق سلوكهم وتظهر علامات الحقد على جلودهم وجوارحهم التلون همهم الذي أعمى قلوبهم وأبصارهم وما نراه من جرائم وسرقات وتفنن في القتل وتدين شكلي مزيف وزرع للفتن واحتكار للسلع وحرمان الفقراء من الحق المعلوم في زكاة الأغنياء وتواكل وكسل وتبذير وإسراف وبث للشائعات واتهام الآخرين بتهم باطلة بلا دليل وسوء الظن وانتهاك الخصوصيات وغيرها من الأمراض الاجتماعية التي أساسها موت الضمير الذي يخرج صاحبه من حدود الإنسانية وحتى الحيوانية
وتذكروا قول الله تعالي
(أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا)
ما أسوأ الأيام التي نعيش غاب عنا من لديهم القدرة على اكتشاف المتلونين فقد استطاع المتلونون الممثلون أن يصلوا إلى مواقع كثيرة وحساسة وأن يتسللوا إلى ثغورٍ خطرة وينمون ويتكاثرون ويفرخون في جميع المؤسسات والميادين حتى فسدت أجهزة عديدة بفضل عبثهم وتلونهم وأفسدوا كل الجهود التي بذلت لتكوين مستقبل أفضل لهذه الأمة
الوطن يحتاج منا في هذه المرحلة الولاء والانتماء والحذر كل الحذر من الذين يجيدون لعبة التلون على أغصان المصلحة والمنفعة وحتى في الملابس البراقة والكلمات المعسولة ودموع التماسيح والابتسامة الصفراء
فأصحاب الولاء الصادق والانتماء الصحيح لا يحبذون صناعة العبارات الكاذبة ولا يجيدون التمثيل همهم إظهار الحق والعدل والعمل الجاد وتغيير الوضع الذي نعيش لأنه أثقل المخلصون في هذه الأمة ولا يملكون إلا الكلمة الموجعة على ألسنتهم أو الاحتجاج على هؤلاء الممثلين فإذا ما نام الناطور عن الثعالب وهي تقطف ثمار العنب فلا بد للناطور من أن يصحو فنحن نعرف أن الانتماء الحقيقي لهذا الوطن هو بذل وعطاء وصدق وانتماء ومنطلقاته التجرد من التصرفات الرخيصة والقيم الهابطة والسلوك المنحرف لأن من أعلى مراتب الانتماء البذل الذي يصل إلى درجة الفداء والتضحية والمنفعة فيه لا تعيق العمل الجاد ولا تحرف السلوك لأن المبدأ هو الأساس وصاحب المبدأ لا تهزه الزوابع ولا تغريه المراكز
حمى الله مصر العزيزة من أذاهم وشرورهم لتبقى مصر عزيزة قوية عصية