جريدة الوطن العربي سياسية – اجتماعية – اقتصادية – فنية- رياضية- مستقلة
في كل مرة أعتزم الكتابة، أنوي أن أكون سياسيًا محنكًا مثل ميكيافيلي وأكتب رسالة بحثية في الفقه السياسي أو أكون محبًا للحكمة وأصنع منهجًا كالمنهج السقراطي، لكن عندما أضع الصحيفة البيضاء أمام عيني وأمسك القلم بين أناملي أراني قد تحولت إلى أسير في منفاه، لا يرى في أحلامه ولا يتذكر إلا حبيبة، حبيبةً فرّق الدهر بينه وبينها ويأبى القلم أن يخرج مداده إلا لأجلها، وتأبى الدموعُ أن تسيل إلا على فراقها…
ها قد جاء موسم الأمطار يا حبيبتي حيث التقينا والتقت أحلامنا، أنا الكاتب العشريني الباحث عن السلام والحب وأنت الفيلسوفة الصغيرة الباحثة عن أصل الأخلاق وفصلها، هل تتذكرين ليالي ديسمبر الباردة؟ الشاي الذي كنا نحتسيه سويًا على قارعة الطريق؟ اعترافي لك الذي تراقصت من أجله حبات المطر، أنفاسك التي عبثت بأطراف الشجر ولم تدع أنفاس الثلوج تفصل بين جسمينا، وأمام موقد النار في الليل ظهرت ضحكتك التي رممت الأوحال التي خلفها المطر والحفر الصغيرة المترامية في الطريق، رممت حتى قلبي الذي تمزق شقاءً، حديثك الذي عالج أذني من تأوه الأرياح وصوت الغارات، عناقك الذي ألجم البرد، الشيء الوحيد الذي يهزمني في الشتاء…
فيروز وما أدراك ما فيروز، كنت أسأل حالي لماذا أحبها كل هذا الحب على الرغم من تعاقب الأجيال وفي النهاية علمت أن القمر يتوارى عندما يسمع صوتها ويتركها تنير الأرض.
نعم أنا أحبك أكثر في الشتاء؛ في كل فصول السنة أصير شابًا، أما في موسم الأمطار فطفلًا يتشوق إلى عناق أمه،
لماذا تخاف الحب؟ الحب لا يأتي إلا لمن يستحقه، لمن يتحمل عناءه ويستأنس شقاءه؛ لا يوجد تائبٌ ينوي العودة إلى الله دون أن يصلي ولا ظالمٌ يعود رحيمًا دون أن يحب، وهل هناك نجمة يا حبيبتي تخاف من السماء؟، هل هناك قمرٌ يهاب الليل؟ هل هناك زهرة تخاف أن تروى؟
