B أنور ابو الخير يكتب : في لحظات طيش من القدر  - جريدة الوطن العربي
الرئيسية » من نحن » للاتصال بنا » أنور ابو الخير يكتب : في لحظات طيش من القدر 
https://cairoict.com/trade-visitor-registration/

أنور ابو الخير يكتب : في لحظات طيش من القدر 

راحلوا عنا وتبقى الحياة تنبض بكل مافيها ولكن هل كل ما ينبض عليها باق

بالتأكيد لكل ما يحيا عليها نهاية تكتب بحروف من الألم وإن أختلفت النهايات وتعددت أسبابها لكن يبقى أصعبها وأشدها مرارة ما يكتب على غفلة من الزمن وطيش من القدر بالأمس كانوا ها هنا واليوم هم في طرقات البعد راحلين لا عين تبصرهم ولا أذن تسمعهم فقط قلباً يحن لهم وينشد بأسمهم ويلمح شمس الصباح في كل يوم تشرق على جدران مسكنهم وتحيي الزهر الذي يستمد الحياة ممن كانوا كل الحياة ولا زالوا وسيبقون كانوا يسألون عن الرحيل والفراق وما بينهما من اشتياق وحنين

وكيف يكونان ؟ ولكن ما من رد على السؤال ألا بعد حين حينما أشار القدر بأصبعهِ الشؤم على ذلك الغصن اليافع وحكم عليه حكم نهائي قائلاً بأن الحياة قررت أن توقف نبضها فيك فكان الرحيل ورائحة الفراق عالق بأذياله والحنين والشوق يؤخز القلب غريبة هي الأمور؟حينما تستهويك فكرة أن تزرع بذرة صغيرة في حديقة بيتك ومن ثم تسقيها كل يوم وتعتني بها لتراها بعد ذلك قد خرجت للحياة وكبرت وتكبر عن كل يوم يمضي عليها ألا تشعر بأنك قد فعلت شيئاً عظيماً وأنت تراقب وريقاتها الصغيرة تخرج بتحدي من بين ذرات التراب ومن ثم تشمخ في فضاء الحياة لتعطي زهرها وثمرها

فما بالك بإنسان حين تعطيه كل اهتمامك وحنانك ويصبح هو التعود الجميل في سنينك والعطر الزكي في أيامك وبعد ذلك يذهب ذلك التعود ويجف ذلك العطر ويغيب ذلك الوجه عن البصر

زهرة كانت ما تزال تتفتح للحياة لتنشر عبقها فيها ولكن القدر كان مبكراً في قدومه وقطفها هو ورحل بها

ها هو القدر لعب لعبته الماكرة بإتقان وتفنن لا سلطة لنا عليه ولا منبه يحمل ليرن ويعلم بقدومه لكنه أناني وماكر حينما يأتي على غفلة ليسرق ويرحل بما ليس له أنه بعد أن يسرق يقتل كذلك ويدمي النفوس إلى ما لا نهاية أنه فعلها وسيفعلها حينما تأتيه رغبة الانتقام في أية لحظة

نعم لحظة حمقاء أقبلت وقلبت جميع الموازين وجعلت الشمس في شروقها وغروبها تلفح النفوس بالحرمان والألم والحسرة والغربة والفراق القادم من صمت الأيام وتجعل العين تبصر واقعا مريرا وهي تذهب يميناً وشمالاً تبحث عمن تريد رؤيتهم علها تلمحهم قادمين أو جالسين في مكانهم المعهود تنادي باسمهم بعلو صوتك ولكن لا تسمع غير صداه يفجر حصن فكرك حينما يصطدم بالحقيقة

وهي أنهم بالأمس كانوا هنا واليوم لايوجد منهم غير الذكرى التي تدق ناقوسها الحزين

رحلوا ولم يرحلوا ولن يرحلوا من قلوبنا وفكرنا وإن كانت العين قد أرهقها الدمع ولم تذرفه فإن القلب ما زال ينزف مراراً وتكراراً من أجلهم أنهم يبقون كل ما في الحياة يبقون اللحن الخالد فيها ضيف تكون في الحياة ولابد في يوم من الأيام أن تغادر الحياة باستعداد أو بدونه ولكن يبقى صعباً الرحيل باختلافه تبقى به

ومن دونهم مكسور الجناح ضائع وتائه الاستغراب يلبسك والدهشة توقظك والتساؤلات تأكل أفكارك والحيرة تضيعك في متاهات لا باب لها

كيف كانوا بالأمس نجماً يضيء سماءك واليوم ذكراهم جمر يشتعل في القلب؟

أنه زماناً يلبسه الغدر حينما يلتم لؤم البشر ليخرج خنجره ويضربه بمن الحياة تنبض به كما تجرأ ومد خنجره ليقطع غصنا يافعا من شجرة ممدودة أغصانها تحت السماء ولكن كما قلنا يبقى القدر وتكون مشيئة الرب كما هو المطر في قدومه في الصيف حينما يهطل بزغاته ليخبرنا أن سقوطه ليس شرطا أن يكون في الشتاء أو الربيع وحتى الخريف وليخبرنا كذلك أن الحياة هي نابضة بكل من فوقها وتحتها وبه تحيا وإليه حاجتها وهي هكذا مستمرة للعمر بقية وللحلم بقية ولمن ( رحل ) ذكراه التي هي ساكنة الوجود وساكنة الحروف رحلت نعم ولكنك لم ترحل ولن ترحل فما زال نبض الحياة يحييني

عن admin

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مصطفى عزام يتفقد سيتي كلوب كفر الشيخ ويكرم المتميزين

تفقد الدكتور مصطفي عزام رئيس مجموعة أندية سيتي كلوب، فرع سيتي كلوب بمدينة كفر الشيخ ...