نحن نعلم أن الفساد مشكلة ونعي بأنها مشكلة جادة لكننا نختزل الحل في مطاردة دليل ملقى تحت أضواء تسلطها الدول القليلة العازمة والقادرة على ملاحقة المجرمين في حين أن الظلمة تغشى كل شيء إننا نفوت جسدا كاملا من الأدلة الملقاة في العتمة فأذا أعطني القليل من الشرفاء فالطبع أننى أحطم جيشاً كبيرا من اللصوص والمفسدين والعملاء حيث لم أقصد العالم الثالث بكل تأكيد لأن في العالم الثالث فيه جيوش من المفسدين ممن ارتضوا أن يتاجروا بكل شيء للكسب الاقتصادي مما يستغلون المناصب والدوائر التي يديرونها بالدفع الذاتي لمأربهم الخاصة وكأن تلك الدوائر لم تعد ملكية عامة بل شركات ذات مسؤولية محدودة
الفساد في البلاد استشرى واعتلى صهوة الجواد وباتت مكافأة الفساد والفاسدين والمفسدين كإطعام ديناصور لا يعرف متى وكيف يشبع مع فارق أن الديناصورات انقرضت ولكن الفاسدون لم ولن ينقرضوا يوماً لأنهم يقتاتون على كل ما يقع تحت أنيابهم الفاسدون في دول العالم الثالث لا يصنعون دولاً بل يدمرونها ويدمرون شعوبها لأنهم ونعني بذلك الفاسدين مصاصو دماء لا يعرفون الرحمة
عبارة أقولها دوماً أنه ما دام الفاسدون والمنافقون والوصوليون هم من يتحكم في مصير الملايين فإن أي حديث عن التغيير والإصلاح حديث في الفراغ الكوني أو كالنفخ في قربة ماء مليئة بالثقوب ونحن نعلم أن فن السياسة يحمل في طياته المناورة والكذب أحيانا بل والازدواجية لكن في بلاد العالم الثالث الانتهازية للنفاق عنوان لا نعلم النوايا ولكن لكل إمرء من خله نصيب فهناك فاسدون بإجماع الشعب وإجماع الخبراء وهناك انتهازيون بالقرائن والأدلة أثروا على حساب شعوب مغلوب على أمرها سيقت إلى المذبح في يوم خسف فيه القمر وتسلل هؤلاء في ثياب الناصح الأمين إلى قوت المواطن البسيط وبات بعضهم يقدم نظريات في السياسة ويطالب بالمكاشفة وهو أول الفاسدين ومنهم تنفيذيون ومشرعون كان بعضهم رئيساً للوزراء وبعضهم وزيراً وبعضهم نواباً وغير ذلك
نعم رحم الله مجتمعات يسوسها حفنة باعت ضمائرها للشيطان ولبست صوف حمل لتخبئ أنيابها ومخالبها التي غرزتها في أبناء جلدتها ولكن هل لهذه الفيروسات من علاج أو مبيد فتاك؟
في السياسة من الصعب أن تجد مسئولا يقول الحقيقة كما هي فالحديث عن المبادئ والقيم المجتمعية لا ينطبق إلا على أبناء البطة السوداء وهم سواد الشعب والغريب في الأمر أن الفاسدين
هم من ينتقد الفساد ليل نهار وهم من دعاة التطهير والإصلاح وهذا هو الغطاء القانوني لهم فهم أوركسترا عالمية يقودها مجموعة من المافيا قد تكون محلية أو عابرة للحدود ويكون كبير الفاسدين حملاً وديعاً بأجنحة ملاك
على مر العصور كان الحديث عن الشرف والأمانة والنزاهة ومنذ الأزل كان الفساد عابراً للحدود والقوانين لأن الفاسدين متنفدون ولا يقوى عليهم منفذو القوانين فالفاسدون عابرون للأنظمة وعابرون للقوانين وعابرون للحدود وما وراءها في الماورائيات وأخذ الفساد مقعداً للحكومات في العالم الثالث في كل واد بل بات الفاسدون يسنون القوانين التي تخدم فسادهم ويرتدي كل واحد منهم ثياب الواعظين ويصعد إلى المنبر ليلقي خطبة في آلية مكافحة الفساد والفاسدين من باب الحرص على الوطن والمواطن وفي الظاهر أمور تخفيها البواطن فالعيب أو كما يقولون شريان الحيا انقطع من بين أعينهم فما عادت تكفيهم صفقات هنا وهناك بالملايين بل يريدون مئات الملايين
أليس الفاسدون هم رويبضة هذا العصر أليس الفاسدون هم من يعتلون المنصات والمحافل ويحاضرون في النزاعة والشفافية
أين هم من تلك المثاليات؟ فليس العاملون بمسئولين عما تعانيه البلاد من مشاكل فالمسئولون هم أولئك الذين لم يحملوا أنفسهم عناء الاهتمام بحالة الشعب والعمل على إنصافه ووضع حد لتضليل المضللين وفساد الفاسدين في العالم الثالث نستنشق الفساد مع الهواء فكيف ونأمل أن نخرج من المستنقع وما يحدث الآن هو ثمرة فساد التعليم والتربية والإعلام وأشياء كثيرة أخرى إكتسبناها بأيدينا
الفساد لا يعالج بمحاسبة فاسد لأن الفساد يكون في مجموعات الفاسدين ينتهجون شريعة الغاب فالقوانين تطبق على الضعفاء من لا ظهر ولا سند لهم وهم في الغالب لا يعلمون ما يفعلون بل هي لقمة العيش كما يقولون
فأتمنى أن يصحو كل الشرفاء ويكشفوا مثل هؤلاء المضللين ويكشفوا أهدافهم الخفية ويحذروا المجتمع من دعمهم خاصة في ظل توجهات القيادة السياسية للحد من الفساد لا بد أن يتكاتف الجميع لإنقاذ الوطن من شرورهم لأننا كلنا في سفينة واحدة والفرجة من بعيد قد تغرق الجميع أتمنى أن تتولى إحدى المؤسسات البحثية جمع ملفات المفسدين و الفاسدين المعرقلين للقانون والمرتشين والحاقدين والجاحدين كل نجاح في كل مؤسسة رسمية أو مدنية وهم معروفون بالاسم عند كل المترددين على تلك المؤسسات إلا أنهم لا يجرئون على مواجهتهم إما خوفا منهم أو عدم مبالاة بهم فالمفترض إخضاع ملفاتهم بما فيها سيرهم الذاتية لدراسة علمية تحليلية لتشخيص ماضيهم وتوقع مستقل البلد في ظل وجودهم كيف كان هؤلاء في دراساتهم وكيف وصلوا إلى وظائفهم وكيف حصلوا على ترقياتهم ؟؟ وما سماتهم الشخصية ؟ وما أهدافهم الخفية ؟ وكيف يعيشون ؟ وما مستوياتهم المادية ؟ وما مستوياتهم الإدارية ؟ وهل هناك تناسب بين ما يكسبون وما ينفقون ؟ فهم بهذه الدراسة يوفرون قاعدة معلومات عن هؤلاء تساعد كل مؤسسة إما في معالجتهم وإعادتهم للصواب بأية طريقة أو في إبعادهم من هذه المواقع وإعفائهم من تعذيب الناس وآخر العلاج الكي بالنار فالأفضل أن تقدم لهم مرتباتهم وهم بعيدون بشرورهم عن الوطن والمواطنين من أن يمارسوا عبثهم وفسادهم اليومي ويكلفوا المؤسسات مزيدا من الخسارات فوجودهم يشوه المؤسسة ويعرقل تقدمها والعصر كما نعرف هو عصر التسابق نحو الجودة وكيف يمكن أن تحقق أية مؤسسة تقدما نحو الجودة إذا ظل السوس ينخر كل إنجاز جميل في جسدها لا يكفي أن ننتظر دور الحكومة في محاربة الفساد بمفردها ينبغي أن نساندها في هذه المهمة ليس بالمطالبة والرقابة والهمز واللمز بل بتفعيل دورنا نحن في مؤسساتنا لو كل فرد منا جعل هدفه الأول هو رضا الله وخدمة الوطن والعمل على تقدمه بما يمتلكه من قدرات وإمكانات لما بقيت بيننا أية بيئة مساعدة على الفساد لو كل فرد منا أدى ما عليه من واجبات ولم يتهاون بها لوفرنا كثيرا من الجهود والأموال والأوقات والقيم النبيلة التي صارت شبه مفقودة بتهاوننا بأعمالنا ولا مبالاتنا بما يحدث في مؤسساتنا إننا جميعا مطالبون بالوقفة مع الذات ولنسأل أنفسنا ما الذي نقدمه لبناء الغد لأبنائنا وأحفادنا فالغد لا يضمنه غير القيم العلميةوالأخلاقيةوالتنمية الحقيقية للوطن كله خيرنا في إسهامنا في بناء الوطن وليس في استنزافه والفرجة عليه في تعاوننا على الخير في البعد عن كل مصدر للفساد في دعمنا لأي جهد وطني مهما كان بسيطا في دعم المخلصين من أبناء هذا الوطن فهذا العصر عصر القدرات والكفاءات والعمل النشط لم يعد مواتيا للمحنطين ولا قابلا للمتزلفين ولا داعما للجاحدين ولا ممهدا للقافزين على الواقع انتهى زمن الجهل بالأشياء وصار العصر عصرا مفتوحا لا يقبل إلا من يثبت القدرة على التنمية وما نراه من حراك في مختلف المؤسسات يبشر بالخير فقد أصبحت معظم القيادات مدركة أن البقاء في مواقع صنع القرار مرهون بالقدرة على الإنجاز والكفاءة في الإدارة فلنساعد القدرات ولنوجه المنجزين ولنبصرهم بخير المؤسسة التي ينتمون إليها وهذه إحدى خطوات الحد من الفساد