بقلم / الدكتور أشرف عطية رئيس مجلس إدارة مجموعة أوميجا جيت
إن الحكم الراشد من المصطلحات المستحدثة في إدارة الدول والحكومات ، لمنظور الحكمة والرشد ، فالحكم هو كل عمليات إدارة المؤسسات والعمليات والممارسات التي يتم من خلالها اتخاذ القرارات بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك للمجتمع والدولة والنظام الحاكم . والحكم الراشد يرتكز على معايير ومؤشرات وتقييم ومحاسبة. ومن منظور حقوق الإنسان ، إنّ الحكم الراشد هو عملية تقوم بموجبها الحكومات والمؤسسات العامة بإدارة شئون الدولة والموارد العامة لضمان وتفعيل حقوق الانسان .
والجودة السياسية لا تحدث إلا برسم إستراتيجية ورؤية واضحه لتحقيق أهداف محددة للتنمية والنمو والرخاء الاقتصادي والاستقرار الامني والسياسي وتحقيق رضا جميع طوائف المجتمع بالاستثمار والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والمادية والبشرية والمعرفية للدولة دون أهدار أو مشروعات ليس لها عائد مباشر أو غير مباشر على المجتمع والدولة .
ويتم ذلك بتطبيق أعلى مؤشرات الجدارات والكفاءة والشفافية والفعالية ، بإتباع وتنفيذ وتطبيق وتفعيل سيادة القانون على الجميع وتحقيق النزاهة وتداول السلطة والحكم وتفعيل وتطبيق مباديء الرقابة والمحاسبة والمساءلة والحوكمة .
ولتحديد مفهوم الحكم الراشد لابد أن نتطرق الى مستويين من أجل الاستيعاب والسعي الى الرشد في إدارة الدولة :
أولا : المستوى الثقافي والمعرفي :
فنظام الحكم الراشد يعتمد ويرتكز على تطبيق وتفعيل وتكريس قيم العدل والديموقراطية وتداول السلطة والرشد والنضج السياسي ، والبعد عن منهجية التسلط والفساد السياسي وتشابك السلطات وكل مايؤدي الى ذلك . ومن سمات ونتائج الحكم الراشد الاستقرار السياسي والأمني ، كفاءة الحكومة ، قلة الفساد من جراء المساءلة والمحاسبة والشفافية والنزاهة ، وارتفاع القوة الشرائية لدخل الفرد ومستوى الرفاهية للمجتمع ، والوصول الى اعلى مؤشرات جودة التعليم وتراجع نسب الأمية وتحقيق الرعاية الصحية الشاملة المتميزة لجميع أفراد المجتمع دون تمييز .
والحكم الراشد يسعي الى تأسيس مجتمع مدني مستقل وفاعل من أجل تحقيق المشروعات التنموية للدولة ؛ وإستغلال موارد الدولة الاستغلال الامثل وأن يكون قادر على طرح الحلول والبدائل والأفكار الجيدة في مختلف القطاعات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، فأهم مايميز المجتمعات الحديثة والمعاصرة هو إطلاق الإرادات والمبادرات المجتمعية لتنمية الإبداع الفكري والعمل الجماعي لتحقيق إقتصاد معرفي يعتمد على العلم والابداع والفكر .
ثانيا : المستوى المؤسسي :
إن ممارسة العملية السياسية لابد أن تكون في فلك ونطاق المؤسسات الشرعية وفي إطار الدستور والقانون ومن هذا المنطلق تمارس السلطة في اطارها الشرعي دون الالتفاف حول توفيق الدستور لمصالح فئوية أو شخصية تؤدي الى الاخفاق في مستوى وجودة الحكم الراشد . وهذا يعني تجنب تزوير الانتخابات وتحكيم الديموقراطية الشكلية من أجل احتكار الحكم ، فالحكم الراشد يسلك طريق السعي الى تحقيق مؤسسة نظام الحكم بآليات انتخابية نزيهه مع الفصل بين السلطات .
ويتحقق الحكم الراشد وآلياته وفقا لثلاث معايير أساسية وهي :
1 – الأهداف :
فأهداف الحكم الراشد لابد أن تعمل على ترسيخ وإرساء مناخ وبيئة الحرية والرفاهية الاجتماعية والنضج السياسي والاقتصادي لترشيد النفقات وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة في توزيع الثروة والشفافية والمساءلة وترسيخ مبدء سيادة القانون على الجميع .
2 – آليات التنفيذ
فلابد ان يتخذ نظام الحكم الراشد آليات الوصول الى السلطة والحكم من خلال الانتخابات الحرة النزيهة وتداول السلطة وعدم الالتفاف حول الدستور والقانون وتمكين الكفاءات واستقلالية القضاء لتحقيق العدالة الناجزة والسعي الى تطبيق كل مباديء حقوق الانسان والمواطنة والمشاركة السياسية لكل طوائف المجتمع وتفعيل دور منظمات وهيئات المجتمع المدني وحرية الاعلام والبعد عن وسائل الاعلام الموجه الفاسد وتفعيل الدور الرقابي من خلال المؤسسات الرقابية والمجالس التشريعية على عمل الحكومة.
3 – المواطنون
ولتحقيق الحكم الراشد لابد من التركيز والاعتماد على شرعية الكفاءات الادارية للدولة والحكومة وتقديم وتمكين الشخصيات الجديرة والنزيهة والمؤهلة علميا وفكريا وتتمتع بالثقة والمصداقية والشفافية والشعبية والشرعية الدستورية والمشروعية السياسية وترسيخ مبدأ تمكين النخب العلمية ذوى المهارات المعرفية والثقافية والتي لها سابقة اعمال وخبرات داخلية وخارجية تتسم بالتخصص والنجاح والحداثة من أجل تنصيب هؤلاء لمناصب الحكم بأركانه الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية . وللحديث بقيه مهمة للمتابعة .
خالص تحياتي وتقديري
الدكتور / أشرف عطيه