كتب ابراهيم احمد
اكتسبت مدينة جنيف شهرة عالمية بصفتها عاصمة السلام وموطن الساعات الفاخرة وتجارب الطعام الراقية والمناظر الطبيعية الأخّاذة. وقد عملت باستمرار على تحقيق أهدافها الطموحة التي تتمثّل في ترسيخ مكانتها كوجهة لأصحاب الرؤى السابقة للعصر لبناء مستقبل واعدٍ ومشرقٍ.
أطلقت جنيف عصراً جديداً من الاكتشافات العلمية، من خلال افتتاح بوابة العلوم التابعة للمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية “سيرن”، إدراكاً منها لأهمية العلوم في صياغة تاريخها العريق وبناء مستقبلٍ مزدهرٍ للجميع. ويُشكّل هذا المشروع خير مثال على التزام جنيف الثابت في الكشف عن أسرار الكون الدفينة، بحيث يشمل مجموعة استثنائية من مرافق تسريع الجسيمات التي من شأنها أن توسّع آفاق معارفنا وتبني مركزاً رائداً لنشر العلم، ويلبّي تطلّعات الأفراد من سنّ الخمس سنوات وما فوق.
تمثّلت مهمة “سيرن”، منذ أن تأسّست في العام 1954، في بناء مساحة جامِعة للعلماء من مختلف الجنسيات في مجال الفيزياء الأساسية. وتقتضي هذه المهمة توفير أحدث مرافق تسريع الجسيمات، لتسهيل الأبحاث وإجرائها بطريقة مستدامة ومُراعية للبيئة. تشمل الإنجازات التي حققتها المنظمة جُسيم بوزون هيغز، ومصادم الهادرونات الكبير، والمادة المضادة، وشبكة الإنترنت. وتهدف هذه المشاريع إلى فهم كيفية تكتّل الجسيمات لتُكوّن النجوم والكواكب ومختلف أشكال الحياة.
تجمع المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية روّاد المجال من كل أنحاء العالم تحت سقفٍ واحد لتخطّي حدود العلوم والتكنولوجيا من أجل الخير العام. كما تؤدي دوراً أساسياً في تدريب الأجيال القادمة من الفيزيائيين والمهندسين والفنّيين، مما يعزّز التزامها بنشر القِيم العلمية.
وقد علّقت فابيولا جيانوتي، المديرة العامة للمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية، خلال حفل افتتاح بوابة العلوم، قائلةً: “تهدف بوابة العلوم بشكلٍ أساسي إلى مشاركة الأبحاث التي تُجريها منظمة سيرن يومياً بهدف تعزيز فهمنا للكون ونشر عجائب العلوم وفوائدها بطريقة بسيطة وفعّالة وفي متناول الجميع. نأمل أن نساهم في زيادة ثقة مجتمعنا في العلوم نظراً إلى أهميتها في التصدّي للتحديات العالمية الحالية، بدءاً من الصحة وصولاً إلى التغيّر المناخي والطاقة. فنحن نتطلّع إلى إلهام جيل الشباب للدخول في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، ونريد أن نعزّز حبّ العلوم في قلب كلّ مَن يزورنا”.
تتخطّى بوابة العلوم التابعة لمنظمة “سيرن” حدود المتاحف التقليدية، لتغدو مركزاً تعليمياً ديناميكياً ينفرد بأنشطته التفاعلية وأجوائه النابضة بالحياة. فهو يتمتّع بموقع استراتيجي يجتمع فيه العلماء لإجراء أبحاث ثورية بشكلٍ يومي، ويتمركز مصادم الهادرونات الكبير تحت الأرض، فيما يستكشف الزوار الوجهة برفقة مُرشدين محليين يعملون في المتحف بشكل تطوّعي ويشاركون معارفهم الواسعة في المجال ويكشفون عن الإنجازات العلمية المبهرة.
تضفي مدينة جنيف الآسرة لمسة مميزة على بوابة العلوم، بمناظرها الطبيعية الخلّابة وبحيراتها الهادئة ومعالمها الثقافية الفريدة التي تتناغم بشكلٍ مثالي مع هذه الوجهة الرائعة. فلا شك في أنّ المدينة الأنيقة تُشكّل جزءاً لا يتجزأ من هذه التجربة المعرفية المذهلة، إذ تزيدها جمالاً وتميّزاً. هنا، يلتقي الإبداع العلمي مع هوية مدينة جنيف الدولية، لتصبح بوابة العلوم مركزاً للأبحاث والفكر يجمع ما بين حبّ المعرفة وجمال المدينة الأخّاذ.