كتب ابراهيم احمد
ليس خفيا على أحد اتساع الفجوة بين وجهة النظر الإسرائيلية وبين الإدارة الأميركية بشأن الحرب في غزة وتحديدا فيما يتعلق بأي عملية عسكرية كبرى في رفح، لكن من المهم إدراك أن هذه ليست خلافات إسرائيلية أميركية بشكل عام، وإنما خلافات إسرائيلية مع الإدارة الموجودة حاليا داخل البيت الأبيض.
المساعدات الأمنية سواء العسكرية أو العملياتية التي تقدمها الولايات المتحدة لحليفتها الأهم في الشرق الأوسط لا يجب النظر إليها كجزء من أعمال خيرية تقوم بها الولايات المتحدة على حساب دافعي الضرائب الأميركيين، وإنما هي جزء من استراتيجية الأمن القومي الأميركي المرتكزة على إبقاء المواطنين الأميركيين في أمن وأمان، إلى جانب تعزيز أهداف السياسة الخارجية الأميركية في جميع أنحاء العالم عبر دعم حلفاء موثوقين والحفاظ على جاهزيتهم أمام القوى المعادية للولايات المتحدة.
وبالرغم من الضغوط المتزايدة التي تواجهها الإدارة الأميركية سواء من الجناح اليساري داخل الحزب الديموقراطي أو من خلال التظاهرات الطلابية في الجامعات الأميركية وانعكاساتها على شعبية المرشح بايدن بين أوساط الشباب،، إلا أن صناع القرار في الولايات المتحدة يدركون جيدا أن هناك فوائد أهم وأكبر تتحصل عليها واشنطن من خلال الحفاظ على استمرارية المساعدات الأمنية لإسرائيل، ويدركون أيضا ما لدى تل أبيب من قاعدة صناعية دفاعية مكنتها من ترقية وتحسين الكثير من المنظومات الدفاعية التي يتبناها الجيش الأميركي وكذلك بعض الجيوش الأوروبية لاحقا، مثل منظومة القبة الحديدية ومنظومات تروفي للدفاع النشط وغيرها، إلى جانب أن الولايات المتحدة تمكنت من اختبار الكثير من منظوماتها القتالية بشكل منهجي ومنتظم في ميادين وجبهات متعددة على أيدي القوات الإسرائيلية، وهو ما مكنها من رسم استنتاجات ميدانية لمدى كفاءة منظوماتها القتالية عبر ساحة اختبار مجانية يقدمها الجانب الإسرائيلي لنظيره الأميركي.
بالإضافة إلى ذلك يلتزم الجانب الإسرائيلي وفقا لاتفاقية المساعدات التي تشكل حوالي 20% من إجمالي الإنفاق الدفاعي لإسرائيل بإعادة استثمار جزء كبير من أموال هذه المساعدات في الاقتصاد الأميركي عبر الشراء المباشر للمنظومات الأميركية، كما أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تحصل على مساعدات أميركية تستطيع إنفاق أكثر من 25% منها على المشتريات المحلية للحفاظ على تفوقها العسكري النوعي وتعزيز جيشها من خلال شراء معدات مبتكرة من الولايات المتحدة إلى جانب تمويل وتطوير وشراء المعدات العسكرية المتقدمة من شركات تصنيع الأسلحة الإسرائيلية.
وفي ظل ارتفاع الأصوات المطالبة بإعادة تقييم هذه المساعدات والعلاقات العسكرية بين واشنطن وتل أبيب داخل بعض الأوساط السياسية في الولايات المتحدة، من الضروري أن ندرك أن العلاقة بين الجانبين متبادلة وتعود بالنفع على كلا البلدين، كما يبدو مؤكدا أن المساعدات الأميركية السخية التي حظيت بها إسرائيل لعقود ستستمر رغم الخلافات في الرأي بين البلدين،، وربما يدرك المتفاوضون مع الجانب الإسرائيلي هذه الحقائق حتى لا يتمسكوا برهانات خاسرة لن تؤدي سوى للمزيد من سفك دماء الأبرياء في غزة.