بقلم / الدكتور أشرف عطية رئيس مجلس إدارة مجموعة اوميجا جيت
إن الاستثمار الأجنبي من أهم عوامل النمو الاقتصادي في الدول النامية ، فكل دول العالم دون استثناء تتنافس فيما بينها على جذب الاستثمارات الأجنبية إلى أراضيها لأسباب كثيرة منها ، إستقطاب التقنيات التكنولوجية الحديثة والعميقة ، مما يؤدي إلى رفع مستوى وجودة الإنتاج إلى المقاييس والمعايير العالمية ، ومعه تتم زيادة الصادرات وأيضا يؤدي ذلك الى تنمية قدرات وكفاءات الموارد البشرية، بالإضافة إلى رفع معدلات التوظيف والمساهمة في القضاء على البطالة لحاجتهم إلى أيدي عاملة من أجل تشغيل المشروعات الجديدة، ورفع معدلات رأس المال السوقي وتوفير العملات الأجنبية ، حيث تحتاج الدول النامية ومنها مصر إلى العملة الأجنبية لاستيراد الأجهزة والموارد التنموية وكثير من أدوات ومواد الانتاج ومما ينتج عنه تقليل الفجوة بين معدلات الاستثمار والإدخار والتأثير المباشر للاستثمار وزيادة حجم الصادرات وتطور التقنيات وجودة الانتاج وفقا للمعايير العالمية ، مما يؤدي الى ارتفاع قيمة الجنيه امام العملات وأيضا انخفاض مستوى التضخم .
وللأسباب السابقة يحدثألان طفرة تكنولوجية عالمية في مجالات الصناعة ومواكبة الثورة الصناعية الرابعة . والأهم من ذلك هو إحداث تطوير في طرق وأساليب الإدارة الحديثة مما ينتج عنه الطلب على الانتاج المحلي وبدوره يؤدي الى زيادة الصادرات وسد الفجوة الكبيرة بين الصادرات والواردات في ميزان المدفوعات والذي ينتج عنه فائض في العملات الاجنبية وينخفض نتيجة لذلك نسبة التضخم .
لذا فإن محاولة جذب الاستثمارات الأجنبية دفعت الحكومة المصرية الى تنفيذ مشروعات تنموية لرفع كفاءة البنية التحتية بإنشاء شبكة طرق تجارية تربط جميع أجزاء الدولة ببعضها من أجل تسهيل الانتقال والشحن وتوزيع الإنتاج، وتطوير النقل الدولي بينها وبين الدول المجاورة ودول العالم الأخرى لتسويق منتجاتها في الأسواق الخارجية، وأيضا تحسين وتطوير البنية التحتية للإتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتتواكب مع الأجيال الحديثة للإتصالات .
ولكن تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن حيث زادت الديون وتكاليفها ، زيادة غير محسوبة وغير مسبوقة نتيجة للمبالغة الكبيرة في تنفيذ بعض مشروعات البنية التحتية التي لم يكن لها تأثير مباشر أو غير مباشر لجذب الاستثمارات . مما أدى الى التضخم الاقتصادي المفرط والذي أدى الى تدني قيمة العملة المصرية أمام العملات الاجنبية بشكل كبير .
ولهذه الاسباب يجب التنبيه والاخذ في الاعتبار العديد من العوامل والمعايير التي تؤثر على قرار المستثمرين بشأن الاستثمار في أي دولة ومن أهم تلك العوامل :
1 – الأمن والاستقرار السياسي:
فلا يوجد مستثمر يخاطر بضخ واستثمار أمواله في دولة غير مستقرة سياسيا أو تعاني من الحروب أو الثورات أو النزاع ، والإنفلات الأمني ، لأن المستثمرين يبحثون عن أفضل مكان للاستثمار من أجل حماية استثماراتهم في بيئة مستقرة .
2 – التسهيلات الحكومية:
حيث تقوم معظم حكومات الدول النامية بتقديم التسهيلات للمستثمرين الأجانب مثل إعفاءات ضريبية وانخفاض معدلات أجور العمال أو مزيد من الخدمات بأسعار تنافسية وأيضا تبسيط اجراءات التأسيس والتجديد .والتحويلات المالية لمستحقات هؤلاء المستثمرين دون قيود أو تعطيل أو تحجيم .
3 – التشريعات والقوانين الاستثمارية:
إن التشريعات والقوانين التي تخص الاستثمار والمستثمرين من أهم العوامل التي ينظر إليها المستثمرون على انها أهم عامل لضمان الحقوق والاستقرار وذلك قبل ضخ أموالهم في أي بلد من أجل الضمانات الكافية التي يكفلها القانون للمستثمرين في ملكياتهم والمنازعات التي قد يتعرضون لها من جراء المعاملات التجارية .
4 – الحماية القانونية من التقلبات السياسية:
حيث يبحث المستثمر عن ضمانات من الجهات الحكومية لعدم مصادرة ممتلكاته وفرض قيود على تحويل العملة وإستيراد مواد الانتاج والمستلزمات الأخرى دون تعطيل أو قيود لعدم وجود العملات لفتح الاعتمادات المستندية وجميع الاجراءات البنكية الأخرى ، وعدم وضوح الرؤية وغياب الشفافية في التعامل مع الحكومة.
وقد حددت بعض المؤسسات العالمية التي تعني بالاقتصاد والاستثمارات عوامل ومعايير أفضل الدول للإستثمار من اهمها : ( 1 – حقوق الملكية . 2 – الإبتكاروالابداع 3 – الضرائب . 4 – التكنولوجيا والاتصالات . 5 – الفساد. 6 – الحرية ( الشخصية والتجارية والنقدية ). 7 – حماية المستثمرين . 8 – مهارة القوى العاملة. 9 – البنية التحتية . 10 – حجم السوق الداخلي والخارجي . 11 – نوعية الحياة . 12 – المخاطر السياسية . 13 – الأمن . 14 – حوافز الاستثمار . 15 – سهولة الاجراءات وشفافية المعلومات 16 – معيار التضخم .
والجدير بالذكر انه على غير المعتاد والمعتقد للمؤسسات والمنظمات المالية الدولية تم استبعاد آداء الأسواق المالية ( الأموال الساخنة وأهمها الأموال التي تضخ في البورصة ) كعامل من عوامل جذب الاستثمارات لما عليها من عدم استقرار وكثير من المضاربات التي لا تعبر عن أنشطة الاستثمار الحقيقي .
كما أن البنك الدولي قام بتحديد بعض المعايير لسهولة ممارسة أعمال الاستثمارات في دولة معينة وهي : ( بدء النشاط التجاري– الضرائب – العقود – الحصول على الائتمان – التدريب– نشر المعلومات – تسجيل الممتلكات ) .
ويبقى سؤالي أين نحن من كل هذه المعايير وجاهزية الدولة وفقا للمنافسة العنيفة التي تحيط بالأسواق العالمية والاقليمية الان من أجل الاستحواذ على أكبر قدر من الاستثمارات سواء الأجنبية أو المحلية ؟؟؟
خالص تحياتي
د / أشرف عطيه