B انور ابو الخير يكتب: ليس للانتهازي صديق - جريدة الوطن العربي
الرئيسية » تحقيقات وتقارير » انور ابو الخير يكتب: ليس للانتهازي صديق
https://cairoict.com/trade-visitor-registration/

انور ابو الخير يكتب: ليس للانتهازي صديق

نحن في مجتمع الماديات وزمن المصالح حيث تلاشت فيه القيم وانحطت فيه الأخلاق حتى صار الصديق يبتز صديقه والأخ يبتز أخاه لقاء مساعدة أو خدمة يكون فيها في خصاصة على شفى حفرة من نار فكل شيء بالمقابل وتقوم العلاقات على أساس خدمة ما وتنتهي بزوالها وأصبح الواحد منا يتفادى إلقاء التحية والسلام لكي لا تتبعها مصلحة بل جشعا في إغراءات الدنيا وأصبح الانتهازيون الذين نالوا من الفشل نصيبهم فالتجأوا إلى الآخرين كسلم يصعدونه علي أكتاف الآخرين بتحقيق مصالحهم على حساب مصلحة الآخر أو المصلحة العامة دون الأخذ بعين الاعتبار القيم والمبادئ الأخلاقية وما أكثر الانتهازيون في زمننا هذا أولئك الذي يتسلقون أشلاء الآخرين ليصلوا إلى مبتغاهم يجيدون فن المداهنة والتملق والمدح مبدعون في رسم الخطط لا مبدأ لديهم ولا فكرة يدافعون عنها همهم الوحيد في الدنيا هو الاتكال على الآخرين والركوب على أكتافهم ليحققوا مآربهم وحالما يحققون المبتغى يطلقون ساقهم للريح ولا يتبقى منهم شيئا إلا الذكرى والشعور بالحسرة وبعض من الشعور بالغباء لكنه على الرغم من ذكائه الخارق تجد الانتهازي ضائعا وحائرا فهو يعيش حياته متنقلا من شخص إلى شخص يحمل مكره في حقيبة ويحل كالشيطان على القلوب الضعيفة
لهم في كل مكان وجود وفي كل مجال لهم بصمة إنهم ينتشرون ويتكاثرون يا سادة معروف أن العلاقات الانسانية تقوم على الحب والمودة والإحسان والعرفان ورد الجميل ونكران الذات وبوجود أمثال هؤلاء لا يبق هنالك مكان لأية قيمة إنسانية فإن الانتهازية تورث من شخص لشخص تنتقل من شخص لآخر إنها عدوى الانتهازية التي خلقت في نفس كل واحد منا فوبيا العلاقات وتكوين الصداقات
يقول الإمام الشافعي “سلام على الدنيا إِذا لم يكن بها صديق صدوق صادق الوعد منصفا”
حيث يجد الانتهازيون في الصداقة أرضهم الخصبة يتقربون ويتوددون ويلتصقون بالروح لصقا ثم بعد أن يدرسوا شخصية الضحية يبدؤون في التنفيذ إنها جريمة مكتملة الأركان وهنا يحدث للضحية خلط في المصطلحات فلا يفرق بين الاستغلال والإيثار ويظن كل الظن أن استغلال الطرف الآخر له هو عاطفة حب زائدة عنده وأنه لا ضير من التضحية وتقديم بعض التنازلات في سبيل الحفاظ على العلاقة السامية ألا وهي الصداقة لكنها في الحقيقة غباء زائد للأصدقاء الانتهازيون أصحاب الأقنعة أولئك الذين تعددت وجوههم يتربصون بفريستهم وينقضون عليها في الوقت المناسب فيبدؤون في نشر سحرهم الفتان والفتاك والكشف عن مواهبهم في التملق والتودد والإفراط في المديح والإطراء والمجاملة حتى تظن نفسك الشخص المحظوظ في العالم وأنه الشمعة التي تحترق من أجل إسعادك فتنطلق في مغامرتك بكل طاقة وأثناء هذا يحدث الاستغلال العاطفي أو المالي أو أي نوع آخر من الاستغلال فتجد نفسك داخل علاقة عديمة التوازن تستنزف كل طاقاتك التي أهدرتها على شخص غير سوي لبعض مدعي الصداقة الذي يتقرب إليك ليدخل حياتك المثيرة لفضوله ويحاول بكل الطرق كسب ثقتك ومرافقتك في كل تفاصيلك والغوص فيها وعرض خدماته عليك ومعرفة كل شاردة وواردة ومحاولة الاستفادة من علاقاتك ولكنك لاتعلم إلا متأخرا بأنه ذو وجهين فالوجه الأول الصديق والاخ الحبيب الذي يبحث عن مصلحتك ويخشى عليك وهذا ما تراه أما الوجه الثاني فهو الحسود الغيور الذي لا يتردد في إساءتك وطعنك من الخلف والذي يحاول نشر الإشاعات عنك وخيانة الامانة بالإفصاح عن خصوصياتك وتفاصيل حياتك واستغلالك وهذا النوع من الاصدقاء سائد جداً للاسف وخبيث لأنك لا تكتشفه بسهولة وتحتاج لوقت طويل لاكتشافه خاصة إن كنت من النوع الطيب والنظيف ولا يحمل في قلبه خبثا
وفي عالمنا الحالي يجب عليك أخذ الحذر من الأصدقاء وفرزهم بعد معاينتهم بمجهر فليس كل من تقرب إليك يعد صديقا وليس كل من عاشرك سنوات طويلة صديقا يؤتمن فالبعض تكتشف غدره بعد سنوات لأنه كان بارعاً في التمثيل ولأنه كان يستفيد منك بطريقة وبأخرى وبمجرد أن دخلت المنافسة معه في موضوع ما أو شكلت خطرا على مصلحته فسينسف سنوات الصداقة ويؤذيك
ومؤسف حقاً أن ينخدع الناس لهؤلاء الأفاقين ومحزن جداً أن يثق الصالحون الطيبون فيهم ويصغون إليهم ويسمعون كلامهم ويأخذون بمشورتهم ونصحهم دون معرفة حقيقة سوء طِباعهم وخبث طويتهم فكأنما يتجرع المرء بذلك سما زعافاً دون أن يشعر لأنه غفل عن فساد هؤلاء المتسلقين وما جبلت عليه نفوسهم من المكر والخيانة والغدر وانساق وراء معسول كلامهم وانخدع به فهم بفسادهم يعيقون اصدقاءهم ويحجبون الخير عنهم ويصعبون الأمور عليهم فضلا عن أنهم يأخذون حقوق غيرهم وينشرون ثقافة الفساد والإفساد بين الناس فيتسع مع الوقت خطرهم ويزداد ضررهم ومن الواجب على الشرفاء محاصرة هؤلاء المتسلقين وكشف خطرهم وفضح أمرهم ووسائلهم لحماية المجتمع منهم ومن أضرارهم كما يجب عزلهم اجتماعيا ووظيفيا وعلاجهم كما يعالج مدمن المخدرات وغيره
ليس هنالك طريقة تجعلنا في منأى من هؤلاء كلنا معرضون لمصادفتهم والوقوع تحت أيديهم فالانتهازية وباء العصر

عن admin

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الإعلامية عائشة الرشيد : مبادرة إماراتية لحفر المياه في جنوب غزة

قالت الإعلامية عائشة الرشيدإن دولة الإمارات العربية المتحدة أطلقت مبادرة حفر آبار مياه جنوب قطاع ...