B السيد خيرالله يكتب: تخاريف عجوز البيت الأبيض.. قناة السويس مش للفصال - جريدة الوطن العربي
الرئيسية » تحقيقات وتقارير » السيد خيرالله يكتب: تخاريف عجوز البيت الأبيض.. قناة السويس مش للفصال
https://cairoict.com/trade-visitor-registration/

السيد خيرالله يكتب: تخاريف عجوز البيت الأبيض.. قناة السويس مش للفصال

لا يبدو أن هناك نهاية للتخيلات التى يعيشها دونالد ترامب، وقد ذهبت مجموعة من المحللين النفسيين الأمريكيين، نشرت الصحف الأمريكية تقريرهم، إلى أن ترامب شخصية سايكوباتية تتخيل ما لا وجود له وتتصرف وفق تخيلاتها دون أن تعى حقائق الواقع، وأحدث هذه التخيلات – ولا أتصور أنه سيكون آخرها – هو ما أعلنه أخيرًا من أنه لولا الولايات المتحدة ما كانت قناة السويس ولا قناة بنما، ومطالبته بحق مرور السفن التجارية والعسكرية الأمريكية عبر القناتين بالمجان ودون دفع الرسوم الدولية المقررة.


وبداية فإن الربط بين قناة السويس وقناة بنما غير جائز، وهو لا وجود له إلا فى مخيلة ترامب، فقد قامت الولايات المتحدة ببناء قناة بنما وظلت لسنوات طويلة تقوم بتشغيلها، لكن ذلك كان وفق اتفاقية عام ١٩٠٣ التى تمت بالاتفاق بين الدولتين، وفى مقابل موافقة بنما على ذلك دفعت لها الولايات المتحدة مبلغ ١٠ ملايين دولار، بالإضافة لمبلغ ٢٥٠ ألف دولار سنويًا، وفى عهد الرئيس جيمى كارتر بدأت مفاوضات لإعادة القناة إلى بنما، وفى عام ١٩٩٩ انتهت الاتفاقية بالتراضى بين الطرفين، وهكذا أصبحت بنما منذ ذلك التاريخ هى التى تقوم بتشغيل القناة، أما قناة السويس فقصة أخرى، فلا دخل للولايات المتحدة ببنائها ولا بتشغيلها من قريب أو بعيد، فقد حفرها المصريون أنفسهم ابتداء من عام ١٨٥٩ ولمدة عشر سنوات كاملة كانت الولايات المتحدة خلالها غارقة فى حربها الأهلية بين الشمال والجنوب، ولم تكن قد أصبحت قوة كبرى على الساحة الدولية، بل لم يكن لديها فى ذلك الوقت رئيس معترف به تتم دعوته لاحتفالات افتتاح القناة عام ١٨٦٩ أسوة ببقية ملوك ورؤساء العالم، وقد لا يعلم الرئيس ترامب أن تمثال الحرية، ذلك الرمز الأمريكى الأشهر، كان يفترض أن يكون من ممتلكات قناة السويس، حيث كان المثال الفرنسى فريديريك أوجوست بارتولدى (١٨٣٤-١٩٠٤) قد صممه ليوضع على مدخل قناة السويس، ليكون بمثابة فنار يرمز للغرب المتطلع إلى الشرق، لكن بارتولدى لم يحصل على التمويل الكافى لتنفيذ تمثاله الضخم، وحين توفر جزء من ميزانيته كانت القناة قد افتتحت قبل سنوات، فقام بارتولدى بزيارة إلى الولايات المتحدة بحثًا عن بقية التمويل ونجح فى مسعاه، وتم الاتفاق على وضع التمثال فى جزيرة الحرية المقابلة لمدينة نيويورك، وافتتح فى أكتوبر ١٨٨٦ حاملا اسم تمثال الحرية.


فكيف وصل ترامب فى تهيؤاته الغريبة إلى ما جعله يقول أمام العالم كله وبلا خجل إنه لولا الولايات المتحدة ما كانت قناة السويس؟!، وكيف واتته الجرأة أن يطالب بأن يكون للولايات المتحدة وحدها معاملة تفضيلية تجعلها تستخدم القناة بالمجان، بينما تقوم بقية دول العالم بدفع الرسوم المقررة؟!، إن ترامب لا يبدو أنه قرأ الدروس الأولية للتاريخ، والتى يعرفها تلاميذ المدارس، وقد لا يذكر أنه حين قامت فرنسا التى قدمت لمصر مشروع القناة بمحاولة الاستيلاء عليها عنوة عام ١٩٥٦، بمشاركة إنجلترا وباستخدام إسرائيل كأداة، كانت خسارتها فادحة هى وإنجلترا أمام العالم كله، بل لقد كانت الولايات المتحدة فى ظل إدارة الرئيس دوايت أيزنهاور هى التى وقفت مع القانون الدولى الذى يحظر التعدى على أراضى وممتلكات الغير، وهو القانون الذى لم يعد له مكان الآن فى ظل إدارة ترامب التى تدعم استيلاء إسرائيل على أراضى الغير وتطمع هى نفسها فى الاستيلاء على ما تطوله يديها فى كندا أو جرينلاند أو غيرهما.


على أنه يجب علينا ألا نأخذ كل ما يتفوه به ترامب مأخذ الجد، فما يقوله اليوم عن الاستخدام المجانى لقناة بنما على سبيل المثال يمثل تراجعا واضحا عما كان يطالب به منذ أسابيع قليلة بضرورة امتلاكه للقناة، ذلك أنه لا يتحرك من منطلق منظومة مبادئ ثابتة، وإنما هو أقرب لطبيعة تجار الأسواق الشعبية، فهو لا يصر على السعر الذى أعلنه، وإنما يقبل فى النهاية ما تنتهى إليه عملية الفصال.. هكذا للأسف صار حال أمريكا .

عن admin

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الربان وسام هركي : لماذا جاء البرهان إلى القاهرة؟

قال الربان وسام هركي الباحث السياسي و الإستراتيجي أن العلاقات بين مصر و السودان هي ...