B احمد ترك.. يكتب : عُمان واستراتيجية التحوط والاستباق …خبرة التعامل مع الأزمات العالمية - جريدة الوطن العربي
عاجل
الرئيسية » مقالات » احمد ترك.. يكتب : عُمان واستراتيجية التحوط والاستباق …خبرة التعامل مع الأزمات العالمية
https://cairoict.com/trade-visitor-registration/

احمد ترك.. يكتب : عُمان واستراتيجية التحوط والاستباق …خبرة التعامل مع الأزمات العالمية


بقلم/ أحمد تركي … خبير الشؤون العربية
تمتلك سلطنة عُمان خبرات متراكمة في التوظيف الأمثل لإستراتيجية التحوط والإستباق، في التعامل مع الأزمات العالمية، سواء في حالة انتشار الأوبئة أو في حالة الحروب الإقليمية والعالمية والتي تكون تداعياتها الإقتصادية أعتى من جهود المواجهات.
تنتهج سلطنة عُمان تلك الآلية دوماً عند وضع الأسس المالية لميزانيتها الجديدة في مطلع يناير من كل عام، خاصة عند تحديد سعر برميل النفط، وهو ما ترتب عليه من تحقيق فوائض مالية في نهاية الميزانية، حيث تم توجيه تلك الفوائض لسداد الديون الحكومية وأيضاً لتمويل مشروعات استثمارية جديدة تعمل على إستدامة التنويع الاقتصادي والنمو في القطاعات المستهدفة وفق رؤية عُمان 2040.
وقد انتهجت عُمان هذه الإستراتيجية منذ عام 2021 ومع تفشي فيروس كورنا وما أحدثه من إغلاق كامل للعالم وما ترتب على ذلك من تأثيرات سلبية على اقتصاد العالم أجمع، إذ برغم هذه التداعيات الخطيرة على سلاسل الإمدادات وخطوط النقل العالمية، استطاعت عُمان من خلال هذه الاستراتيجية أن تحقق فوائض مالية في ميزانيتها العامة آخر العام.
وإذا كان التحوّط يشمل تنويع المحفظة الاستثمارية، فإن محفظة التنمية الوطنية التي تُعنى باستثمارات جهاز الاستثمار العُماني داخل سلطنة عُمان، نجحت في تعزيز جهود التنويع الاقتصادي؛ وذلك عبر افتتاح وإعلان مشروعات محلية في مجموعة من القطاعات الرئيسة تتصدرها الطاقة، والصناعة، والسياحة، والغذاء والثروة السمكية، والخدمات المالية، والاتصالات وتقنية المعلومات، واللوجستيات، والطيران، والتعدين.
وأعلن جهاز الاستثمار العماني، عن نمو قيمة أصول “محفظة التنمية الوطنية” التابعة له بنسبة 21% خلال الفترة بين عامي 2021 و2024. وقال الجهاز، في تقرير له إن “محفظة التنمية الوطنية تمكنت من تحقيق نمو نسبته 21.5% في قيمة أصولها لتصل إلى حوالي 12.1 مليار ريال عُماني (31.43 مليار دولار) بنهاية 2024”. وأشار إلى أن المحفظة أسهمت بمبلغ 3.7 مليار ريال (9.61 مليارات دولار) لرفد الميزانية العامة للدولة، وأنفقت نحو 8.8 مليارات ريال (22.86 مليار دولار) للاستثمار في الأصول من أجل تحقيق عوائد طويلة الأجل. كما أن المحفظة تمكنت من استقطاب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 638 مليون ريال (1.6 مليار دولار).
كما انتهجت عُمان هذه الأستراتيجية منذ اندلاع الأعمال العسكرية بين روسيا وأوكرانيا عام 2022، وتمكنت بفضل الإدارة الرشيدة للموارد الاقتصادية المتاحة من المحافظة على مستويات معقولة من النمو والتنويع الاقتصادي، وهو ما كان محل تقدير دولي من جانب وكالات التصنيف الإئتمانية. وقالت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني عام 2023 إن عُمان ستواصل سداد الديون الحكومية، مما يعزز مرونة الدولة في مواجهة الصدمات المحتملة.
ووفقا للحساب الختامي لميزانية عام 2024، أعلنت وزارة المالية العُمانية نتائج الأداء المالي الفعلي للربع الأول من عام 2025 ، والتي كانت أهم ملامحها تحقيق فائض مالي قدره 540 مليون ريال عماني وخفض أعباء خدمة الدين بنحو 114 مليون ريال عماني في نهاية عام 2024، لينخفض الصرف الفعلي على خدمة الدين العام بنهاية عام 2024 بنسبة 11 بالمائة مسجلًا نحو 936 مليون ريال عُماني مقارنة بالمعتمد في ميزانية عام 2024 بنحو مليار و50 مليون ريال عُماني مع استمرار الحكومة في نهجها لإدارة الالتزامات المالية، واستبدال القروض المرتفعة الكلفة بأخرى أقل كلفة.
ومع اندلاع المواجهات العسكرية بين إيران وإسرائيل والتي بدأت فجر يوم 13 يونيو 2025 إثر الهجوم الإسرائيلي المفاجئ على إيران، والمستمرة حتى الآن، فإن سلطنة عُمان رغم مساعييها الدبلوماسية لوقف الحرب من خلال الحوار وهو ما كشفته التحركات الدبلوماسية العُمانية، فإنها أي عُمان ستعمل على تفعيل أكثر لإستراتيجية التحوط والاستباق بناء على خبراتها المتراكمة.
توجت سلطنة عُمان جهودها لتعزيز مركزها المالي بارتفاع تصنيفها لدرجة الجدارة الاستثمارية وفق التصنيف الأخير لوكالة “ستاندرد أند بورز” خلال العام الماضي، وفي آخر تصنيف ائتماني صادر عن وكالة “فيتش”، رفعت الوكالة نظرتها المستقبلية لسلطنة عُمان من مستقرة إلى إيجابية، مع تثبيت التصنيف الائتماني عند درجة “BB+” نتيجة استمرار الإجراءات الحكومية لضبط المالية العامة وخفض الدين العام وديون الشركات الحكومية، إلى جانب ارتفاع صافي الأصول الأجنبية السيادية.
والمؤكد أن الاجراءات والمبادرات الاستباقية التي اتخذتها عُمان منذ بدء تنفيذ الرؤية المستقبلية 2040، ساهمت في هذه النقلة النوعية في الوضع المالي، وتم تنفيذ عدد واسع من مبادرات وبرامج ضبط الوضع المالي ورفع كفاءة الانفاق العام وتوجيه الجانب الأكبر من فوائض النفط لتسريع سداد الدين العام وخفض أعبائه بشكل ملموس عبر استباقية سداد القروض المكلفة واستبدال بعضها بأخرى ذات أسعار فائدة أقل.

عن admin

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيد خيرالله يكتب: فودة .. ولمسة وفاءلقبطان الابداع الثقافي ( فاروق حسني)

الوفاء، التقدير، الاحترام، التكريم قيم وصفات جميلة تعزز العلاقات الإنسانية وتنشر المحبة واللحمة الاجتماعية بين ...