كتب إبراهيم أحمد
تعلمت مارغريت جانكوفسكي، خياطة الملابس في سن مبكرة من حياتها مثلها مثل العديد من فتيات جيلها، وعلمتها والدتها أساسيات الخياطة من خلال حياكة مناديل والدها، وعندما كبرت ظلت تصنع معاطف صوفية صغيرة لأبنائها، أثارت إعجاب الأمهات الأخريات، وتعلمت النساء منها كيف يجعلن «البيجامات مريحة بما يكفي للعيش داخلها».
وعندما ضربت كارثة تسونامي سريلانكا، وسواحل أخرى حول المحيط الهندي، في ديسمبر 2004، فقد الكثير من السكان موارد رزقهم، ولقي 230 ألف شخص مصرعهم. وأثارت صور الدمار الناس حول العالم. لكن ما أثار جانكوفسكي أكثر هو قصة امرأة سريلانكية عادت إلى قريتها المدمرة، والتي ظلت تعمل فيها لسنوات عدة لتوفير ما يكفي لشراء ماكينة خياطة، وكانت تنظر الى المستقبل بعيون متفائلة، لكن كل آمالها ذهبت أدراج الرياح مع تسونامي. وتستعيد جانكوفسكي ذكرياتها قائلة: «عندما قرأت عن تلك المرأة، قلت في نفسي إنني أستطيع أنا أن أدبر أمر عيشي من دون ماكينة خياطة، ولكن تلك المرأة لن تستطيع ذلك».
مشروع خاص
لهذا السبب فكرت في مشروع لإرسال ماكينات خياطة الى سريلانكا وأماكن أخرى من العالم، وشرحت فكرتها في برنامج إخباري محلي قائلة: «فكرت في جمع بعض هذه الآلات التي يتخلص منها الناس، وإصلاحها وإرسالها للمحتاجين اليها».
بدأت جانكوفسكي مشروعاً أطلقت عليه «ماكينة خياطة»، وهي منظمة صغيرة تعيد توزيع ماكينات الخياطة المستعملة. وخلال 16 عاماً، قام المشروع بشحن 3350 ماكينة خياطة حول العالم – وداخل المدن الأميركية. وأرسلت المنظمة هذه الماكينات لجامعي حبوب القهوة في غواتيمالا، والنساء اللائي يساعدن الفتيات المستضعفات في جزيرة غوام، وأرامل الحرب في كوسوفو، واللاجئات في ديترويت، والسجينات في ميسيسيبي، والنساء المستضعفات في نيو أورلينز.
وظلت جانكوفسكي تجمع الأموال لجمع وإصلاح ماكينات الخياطة المستعملة، وشحنها الى المحتاجين إليها في جميع أنحاء العالم، واستطاعت في عام 2005، بمساعدة مؤسسة «أميركان هيندو» إرسال خمسة صناديق إلى خمس دور للأيتام في الهند وسريلانكا، كل منها مملوء بالألعاب والإمدادات الطبية والأقمشة مع ماكينة خياطة، للمساعدة في خياطة ملابس الأيتام، ولتعليمهم مهارات الخياطة، وهي «المهنة التي أعتقد أنها مهمة للغاية»، كما تقول.
دروس في الحياكة
وفي كل هذه الأماكن وغيرها، وجدت هذه الآلات المستعملة، والتي تخلص منها أصحابها الأصليون، أصحاباً جدداً يستخدمونها كمصدر رزق، سواء في العمل أو في المصنع أو في المنزل.
وتقول جانكوفسكي، بالنسبة لأولئك الذين يحاصرهم الفقر، فإن الخياطة «تشكل لهم وسيلة للخروج منه».
وتقول مديرة التدريب في مؤسسة «زمان إنترناشيونال»، جيجي سالكا، وهي مؤسسة غير ربحية تساعد النساء والأطفال الفقراء والمهمشين: «الخياطة هي أيضاً وسيلة لمساعدة المهاجرات واللاجئات في ديترويت». في عام 2016، تلقت المؤسسة 15 ماكينة خياطة من مشروع «ماكينة خياطة»، بالإضافة إلى آلة تطريز، للمساعدة في تقديم دروس في الحياكة للاجئات والمهاجرات من اليمن وسورية ودول أخرى مزقتها الحرب.
وبدأت «زمان» بتقديم برنامج تعليم الخياطة لمدة عامين. ويكسب الخريجون المال من خلال إجراء تعديلات على الملابس وخياطتها حسب الطلب، غالباً من منازلهم.
وتقول سالكا: «يعاني الكثير من عملائنا الكثير من التحديات مثل حاجز اللغة، والنقل، ورعاية الأطفال»، وتضيف «إلا أنّ ممارسة مثل هذه الأعمال ساعدتهم بشكل جيد».
تدير جانكوفسكي ومجموعة صغيرة من المتطوعين مشروعها بمدينة ماديسون، عاصمة ولاية ويسكنسن، وتعمل هي ومساعدتها، أنيت بوليج، على تعبئة الماكينات في صناديق لإرسالها إلى المناطق التي تحتاجها. ويتم اختبار الآلات وتشحيمها قبل إرسالها، واستبعاد الآلات التي لا تعمل.
وتقول: «أتلقى من 10 إلى 15 رسالة بريد إلكتروني في الأسبوع من مجموعات حول العالم تطلب فيها الحصول على بعض ماكينات الخياطة»، وتضيف «ليس لدينا المال الكافي، ونحلم بتأسيس مدارس خياطة في القرى، ولكن لا يمكننا القيام بذلك في الوقت الراهن». ومع ذلك، فإنها تتفاجأ قليلاً عندما تفكر في المدى الذي وصل إليه مشروعها بعد بداياته المتواضعة، والذي كان دافعه كارثة تسونامي عام 2004.